الصفحة الأساسية > البديل الوطني > من منع بن علي إلى تخوفات ما بعد الثورة
الاحتفال باليوم العالمي لحقوق الإنسان:
من منع بن علي إلى تخوفات ما بعد الثورة
15 كانون الأول (ديسمبر) 2011

أحيت فعاليات المجتمع المدني والسياسي ذكرى اليوم العالمي لحقوق الإنسان الموافق ليوم 10 ديسمبر من كل عام، هذا الإحياء هو الأول بعد الثورة لذلك انتظمت عديد الأنشطة والفعاليات من قبل بعض المنظمات الحقوقية التي كانت محاصرة وممنوعة طيلة سنوات حكم بن علي.

لقد احتكر النظام السابق إحياء هذه الذكرى في قصر بن علي بقرطاج أين يتوجه للشعب التونسي بخطاب لـ «استعراض المكاسب» وتوزيع الجوائز على الموالين والمطبلين، وفي الغالب لتوجيه التهديد والوعيد للمنظمات الحقوقية وللمعارضة بشكل عام مستعملا قاموسه المعتاد بوصف خصوم نظامه بأنهم «مصطادون في الماء العكر» و «موالون لجهات أجنبية» و «حاسدون لنجاحات تونس وتألقها».

التخوّف يعوّض المنع

ويطال غضب السلطان المنظمات العالمية المستقلة التي تصدر تقارير تشخص الوضع الحقيقي لحقوق الإنسان في بلادنا، مقابل ذلك تمنع المنظمات والجمعيات مثل الرابطة وفرع منظمة العفو الدولية بتونس من تنظيم أي نشاط في فضاء عمومي وحتى خاص. ولم يتعدى إحياء الذكرى في تونس طيلة سنوات القمع والحصار بعض الأنشطة المحدودة في مقرات صغيرة لا تتسع لبضع عشرات من الأنفار تحت مراقبة العشرات من أعوان البوليس السياسي.

واليوم وبفضل ثورة شعبنا وتخلصه من رأس الدكتاتورية تمكنت هذه الفعاليات لأول مرة من تنظيم أنشطة تجاوزت الجدران الضيقة والحصار، فخرجت أغلب المنظمات إلى الشارع والساحات. فرع تونس لمنظمة العفو الدولية نصب خيمة في شارع بورقيبة، هذا الشارع الرئيسي الذي ظل لعقود حكرا على البوليس، حيث تولى مسؤولو المنظمة تفسير مبادئها، فضلا عن تنظيم مراطون كتابة الرسائل لضحايا الاضطهاد في العالم وكذلك التذكير بحملة الفرع من أجل تقنين مبادئ وقيم حقوق الإنسان في دستور تونس المقبل وهو البرنامج المعروف ببرنامج النقاط العشر الذي أمضته ووافقت عليه أغلب القوى السياسية ورفضته بعضها ومنها الثلاثي الذي يستعد لاستلام الحكم.

ولم تكن هذه الخيمة هي الوحيدة بل انتصبت خيمة أخرى في سوسة بدعوة من مجموعة العفو الدولية وفرع سوسة للرابطة والنساء الديمقراطيات وجمعية كرامة لنفس الغرض فضلا عن عرض مسرحية بفضاء عام.

وفي العاصمة وعديد الجهات نظمت الرابطة والجمعيات الحقوقية المختلفة أنشطة مختلفة، من ذلك التظاهرة التي نظمها المعهد العربي لحقوق الإنسان بتطاوين تحت اسم «الجنوب التونسي يحي ذكرى 10 ديسمبر» وذلك تكريما للجهة على دورها في احتضان اللاجئين الليبيين.

المجلس التأسيسي في الموعد

كما نظم مركز تونس للعدالة الانتقالية ندوة دولية بيومين حول هذا الموضوع. ولم يكن المجلس التأسيسي بمنأى عن الحدث اذ افتتح جلسته ليوم 10ديسمبر بكلمة من رئيسه حول الذكرى وتضحيات التونسيين من أجل مجتمع خال من الانتهاكات.

ودعت فعاليات يسارية وتقدمية إلى مسيرة بالمناسبة أمام مقر المجلس التأسيسي بباردو دعما للاعتصام المنظم هناك ومطالبة باحترام مبادئ حقوق الإنسان في الدستور الجديد، وهو نفس الأمر الذي قام به وفد من الهيئة المديرة للرابطة يتقدمه رئيسها الأستاذ عبد الستار بن موسى حين التقى برئيس المجلس السيد مصطفى بن جعفر. وقامت أحزاب تقدمية وجمعيات مدنية في جبنيانة بوقفة تضامنية أمام معتمدية المكان مع اعتصام باردو رفعت فيها لافتات وشعارات حول ضرورة تثبيت مطامح الشعب التونسي في الدستور الذي سيشرع في كتابته بعد مدة.

يمكن إذا التأكيد أن الشعب التونسي تمكن بفضل ثورته من إحياء ذكرى اليوم العالمي لحقوق الإنسان مثله مثل باقي الشعوب الحرة وذلك بفرض الحق في التظاهر، ولكن أغلب هذه الأنشطة إن لم نقل كلها تركزت حول المخاوف من أن لا يفي الدستور المقبل بتطلعات الشعب التي رفعها في ثورته، فالمجلس التأسيسي المكلف بهذه المهمة تتصدره اليوم أغلبية جل أعضائها إن لم نقل كلهم من ضحايا العسف البنعليني، لكن البرامج التي يحملونها لا تؤمن بالعديد من المبادئ التي تهم خاصة حقوق المرأة والحريات الفردية والإعدام والتعذيب.

علي الجلولي



الصفحة الأساسية | خريطة الموقع | البريد الالكتروني