الصفحة الأساسية > البديل الثقافي > صوت المثقف الإنسان
"صنع الله إبراهيم" صفعة في وجه النظم الفاسدة :
صوت المثقف الإنسان
20 تشرين الثاني (نوفمبر) 2003

راهنت النظم الفاسدة على احتواء المثقف وتدجينه، وعملت جاهدة على إغراق الثقافة في الفساد المنظم. وإفراغها من القيم والمبادئ الإنسانية.. وإدخال الفعل الثقافي إلى حظيرة الاحتفالية. وأصبح المثقف بوق دعاية لسلطة لا شرعية لها. وعمت البلاد العربية ثقافة المؤتمرات والمهرجانات وتحولت عن الدور الأساسي لها لتصير صندوق أكاذيب ومهنة تدر المال والجاه على من يمتهنها شرط أن يعيش في البلاطات والقصور ويقتات من فتات موائد الأسياد، مقابل لعب دور البهلواني، والمنوم المغناطيسي للشعوب حتى تنعم النظم بالراحة و"هناء البال"… وحتى يقوموا بدورهم على أكمل وجه تنصبهم السلطة في مواقع الإشراف والمراقبة. فيعرقلون المبدعين الجادين وأصحاب المشاريع الثقافية الهادفة والمؤسسة للقيم الراقية.

ولكن رغم الحصار ورغم شراء ذمم من لا ذمة لهم ورغم انخراط الأغلبية في سوق بيع القيم، يبقى نبض الحياة، وتبقى بذرة الرفض وكلمة "لا" تينع في ضمائر المبدعين والمثقفين الحقيقيين. تبقى زهرة الرفض شوكة في حلق النظم اللاشرعية التي تستجدي كلمة وشهادة كاذبة حتى تمحو عارها..

هذه البذرة أينعت في مصر، في رجل خبر السجون وشهد جرائم النظم العربية ضد شعوبها من المحيط إلى الخليج. هذا المبدع هو الروائي "صنع الله إبراهيم"، صاحب "اللجنة" و"تلك الرائحة". مثقف ومبدع يساري… "لم ينقلب على تاريخه مثل بعض الذين كانوا في أقصى اليسار يوما ثم أصبحوا من مروجي الفساد والمدافعين عنه، والحقيقة أنهم لم يكونوا صادقين في ماضيهم اليساري ولا في حاضرهم المبتذل…". إنه الصدق الإبداعي والجرأة الإنسانية التي تسكنه وتسكن الكثيرين من مبدعي البلدان العربية.

"لقد رفض صنع الله إبراهيم قبول جائزة الرواية التي أعلنت لجنة التحكيم فوزه بها في ختام مؤتمر "الرواية والمدينة" مساء الأربعاء 22 أكتوبر 2003. وأكد أنه لا يقبل جائزة صادرة عن حكومة لا تملك –في نظره- مصداقية منحها. وبعد أن أعلن على اعتذاره غادر صنع الله المسرح الصغير الذي أقيم به الحفل الختامي وسط تصفيق جنوني، وهتافات كثيرين بدا أنهم كانوا في حاجة ماسة إلى من يثبت لهم أن ثمة قيمة لا تزال في الحياة الثقافية"… هكذا هي الأحداث كما نقلتها الصحيفة الأدبية "أخبار الأدب".

الخبر أربك كل من سمعه وأعاد طرح سؤال مقلق على مثقفي تونس: إلى متى سيبقى حال المثقفين التونسيين على هذه الحال وحتى وإلى متى يبقى المثقف التونسي مدجن. صحيح أن هنالك مبدعين صادقين ما زالوا يقاومون العزل والحصار والقمع، لكنهم ما زالوا معدودي التأثير والحضور إذا لم نقف إلى جانبهم أحزابا ومنظمات وجمعيات… ونذكر "مجموعة الكتاب الأحرار" ومجموعات مسرحية محترفة وهاوية مثل مجموعة فاضل الجعايبي، وتوفيق الجبالي، وغيرهم…

- جميعا مع حرية التعبير والإبداع وحرمة المبدع والإنسان.



الصفحة الأساسية | خريطة الموقع | البريد الالكتروني