الصفحة الأساسية > البديل الوطني > لعن الله "عبد الدّايم"...
لعن الله "عبد الدّايم"...
29 آذار (مارس) 2010

ها قد بدأ التاريخ يفعل فعله وبدأت تفوح رائحة عفن البربرية المتأكسدة وأخذ القناع يتداعى ليفضح قبح وجه السفاح ويكشف التجاعيد البشعة لـ"العهد الجديد" المتشدق بجودة الحياة وبالجنة التي صنعتها يدان داميتان وذابت كل مساحيق الزينة عن وجوه التماسيح التي ما انفكت تتكاثر كالفقاقيع. تجدها بين طيات ثيابك، في منعرجات أفكارك وأحلامك، في أركان بيتك، وحتى في "المرحاض"، تجدها سبقتك إلى هناك لتؤكد لحضرتك أمن وأمان البلد وتحميك من غدر أخيك الإنسان وأكثر من ذلك تحميك من نفسك ومن وسوسات شيطان التمرّد وتذكرك بأن لا تتبع خطواته وإلا ستجد نفسك هناك.!! حيث اللامكان... اللازمان... اللانور... خلف الشمس.!! ولك ما شئت من مسكنات إعلام مفلس، معتم، مخمور، تجد فيه ما يقنعك أن كل ما عليك فعله في الحياة هو أن تحمد ربك وتشكره لأنك تنتمي "للطبقة المتوسطة"... في النهاية أنت لا تنام جائعا!

يا أخي انظر إلى من هم أقلّ منك... هناك من ينام على لحم بطنه - طبعا خارج حدود مقاطعة الحاج عبد الدايم - كما عليك أن تغض البصر عن الكروش المتضخمة وعن الجيوب المنتفخة، وتطبّق تعاليم الطفولة: "الحسود لا يسود!". ولا تصدق أولئك المتطرفين الجاحدين إذا نادوا: "حتما سيسود الحقود. ولتعتدل وإلا..!"

لكن ما مفعول هذا الإعلام المُسكن أمام صعقة امرأة تأويها محطة حافلة أو محطة ميترو، تفترش الرصيف وتتدثر بصرد ليالي الشتاء المجمّدة، أو أمام شاب تخلف عن منولوغ الحوار مع الشباب بما يزيد عن قرن، يقتات من حاوية النفايات، أو أمام آلاف العائلات التي تحافظ على بقاءها بالأكل من بقايا الخضر المتعفنة التي يرمي بها الباعة في نهاية كل سوق أسبوعية، أو أمام ذوي الاحتياجات الخصوصية ترمي بهم أنياب الخصاصة والفقر والاحتياج إلى مخالب المستغلين مجبرينهم على التسوّل ومستخدمينهم كأداة يجمعون بها الأموال، أو أمام طفلة تجد نفسها بين أحضان ليست بأحضان والديها لتنهش لحم براءتها وتغتصب عذوبة طفولتها لتنتهي مومسا تبحث بجسدها عن رغيف العيش، أو أمام شيخ طاعن في السن لا تقوى ساقاه المرتعشتان على حمله وهو يشق زمهرير الشتاء محتميا بخرق بالية لا تدفئ ولا تقي من مسامير البرد باحثا عن أكياس البلاستيك، مقضيا كامل يومه في البحث مقابل ملاليم، أو أمام رجل سلبته زبانية الأقبية المظلمة عقله ثم رُمي به إلى قارعة الطريق بعد أن فقد صوابه من جراء التعذيب والتنكيل به ليجد نفسه محتفظا ببقايا صوت أبحّ ووقفة خطيب متمايلة في مفترق الطرقات، يخطب في المارة مرددا عبارات من قبيل: "الشباب ضاع"، "السجون"، "الفساد"، "marché noir"، "ويني البلاد"، "ويني العدالة"، "ويني القدس"، "ويني العروبة"...؟؟ كل هؤلاء هم الأيادي المرتعشة التي رفعت الستار وأسقطت القناع وعرت الجلاد المستكرش المتبختر بين حفلات العشاء الفاخرة على ضفاف قهر المهمشين. هؤلاء هم فعلا أبناء هذا الوطن المغتصب الذين لا نقرأهم في الصحف المدجنة ولا نراهم في الفضائيات "الفاضية"، نراهم فقط في شوارع وأنهج وأزقة وأحياء مقاطعة الحاج عبد الدايم يفضحون عورته ويحاكمون كل مكونات المجتمع المدني والقوى التقدمية والشخصيات المستقلة ويتوعدونهم بمزبلة التاريخ إن لم يتداركوا الوضع ويضعوا حدًا لعصر الهمجية والبربرية المتوحشة، مكونين جبهة تجمعها أرضية الكلمة الحرة والرأي والصوت العالي، يجمعهم حبهم لهذا الوطن وغيرتهم على حقهم في التعبير والتنظيم والتنظم ليكونوا ساعدا واحدا يوجّه قبضته في وجه الفاشية المتعفنة كي تتلاشى شيئا فشيئا معزولة في ركن دكتاتوريتها التي حتما ستخنقها باتحاد كل الأصوات الحرة.



الصفحة الأساسية | خريطة الموقع | البريد الالكتروني