الصفحة الأساسية > البديل الوطني > لنتوحّد ضدّ الاستبداد..!
لنتوحّد ضدّ الاستبداد..!
20 شباط (فبراير) 2010

في البداية وحتى نكون صادقين مع أنفسنا، وجارحين بقسوةِ وضع السكين في الجرح، لا بدّ أن نقرّ في ظل أوضاع سياسية واجتماعية مضطربة ومتردّية، بهذا الفساد الأعمى، وتحلل النفوس الميتة التي احتلها طاغوت رأس المال، والانتهازية، وعبودية الخضوع.

فنحن اليوم رغم القمع والاستلاب وقهر الفاشية للشعب، نرى بوضوح الخراب الداخلي الذي تجاوز هذه الحيثيات، مشيرا إلى ما هو أخطر وهي النفوس التي استمرت حياتها الرغدة واللذيذة. النفوس التي تصرخ : اذهب أنت وربك وناضلا، إنا ها هنا قاعدون في ظل الوظيفة المريحة، والبيت المريح، والمكتب المكيّف والسيارة الفخمة والجيوب العامرة والأمان، حيث لا صراع ضد الدكتاتورية ولا هم يحزنون. فكل شيء يسير على ما يرام، باسم "التجمّع "مجرى الجميع ومرساهم، وعلى بركة الشيخ بن علي فليتوكل المتوكلون.

لقد أصبح المجتمع التونسي "ثكنة" تحوي داخلها تزوير وتشويه التاريخ قصدا، ينهض على أرض سياسية محاطة بالأسلاك الشائكة، كتب على مدخلها" مسكين أيها الوطن الجريح، أيها الشعب المتعب كم من التزوير والتشويه يرتكبان بحقك!". شيء ما بحجم الصرخة أو الإضراب أو التظاهرة أو العمل المشترك، يسألك هل نحن بقايا كائنات حية موشكة على الانقراض، أم أن السلطة هي التي حوّلتنا إلى قطيع سهل النهش والتمزيق؟!

لو كنا نستطيع أن نقول : لقلنا..
لو كنا نملك السيف : لشهرناه...
لو يدنا قبضة من حديد: لكسرنا القيود.
لكن في الواقع، الكل، أحزاب ومنظمات وجمعيات... نتقاسم الشكوى والأنين والألم والقهر والقمع والسجن، لكننا لم نتقاسم الفعل والممارسة. فلماذا نندهش من سطوة البن علي المهووس الذي يرى عجزنا فيوغل في مهانتنا وقمعنا.

علينا اليوم أن نتجاوز كل الخلافات ونفكر بجدية في هذا الصراع السياسي والاجتماعي : صراع القاهرين والناهبين الذين يملكون قوة السلطة ضد المقهورين الذين لا يملكون شيئا. هؤلاء الهامشيون هم الشعب بأسره، الذي تحوّل إلى فأر تجارب تمارس عليه بالقوة العمياء تجاربها القمعية والبوليسية، بدءا من نهب البلاد وانتهاء بزج الأصوات الحرة في السجون. فكان حصادها هذه السنة مناضلون تقدميون في عمر الزهور وفي أوج العطاء دافعوا عن حقهم في التعبير والسكن.

منذ أكثر من 22 سنة ونحن نرفع شعارات الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية... و... و... فوق رؤوسنا، نحن الشعب المحاصر داخل معسكرات التجارب، دون أن تتاح لنا حتى إمكانية الصراخ.

نريد اليوم أن نصرخ . فصرختنا هي بمثابة تدمير أعمدة الهيكل.

فنحن نرفض قوة السلطة الغاشمة وقمعها للأحزاب والمنظمات والشخصيات الديمقراطية ولنوحّد صفوفنا لأن عصا الجلاد تطال الجميع ودون استثناء.

لكن قبل كل شيء يجب علينا أن نخترق حصارنا الداخلي المحاط بالخوف من القمع الذي شلنا وامتصّ قوتنا، وبدّد طاقاتنا في صراعات هامشية كانت السلطة المستفيد الأول والوحيد منها. فهل نكون على خطإ إذ قلنا: سنظل شوكة في حلق هذا النظام... فمهما كانت عصاه طويلة فلن تكون بطول الزمن وبطول نَفـَسِنَا.

وهل نحن على خطأ إذ نقول لقد اعتدنا أن تكون حريتنا وخبزنا اليومي ملونان بالدم. وهل نكون على خطأ إذ دعونا كل أحزاب المعارضة والجميعيات والمنظمات والشخصيات الديمقراطية المستقلة لتكوين جبهة عريضة ضد الاستبداد والنضال من أجل تحقيق التغيير الديمقراطي الحقيقي؟!



الصفحة الأساسية | خريطة الموقع | البريد الالكتروني