الصفحة الأساسية > البديل العربي > هل تنجح "حكومة الوحدة الوطنية" في تحقيق مطالب الشعب الفلسطيني
هل تنجح "حكومة الوحدة الوطنية" في تحقيق مطالب الشعب الفلسطيني
نيسان (أبريل) 2007

مضى ما يقرب عن الشهر منذ إعلان تشكيل حكومة الوحدة الوطنية الفلسطينية التي توّجت مسارا عسيرا من المفاوضات بيت "فتح" و"حماس" برعاية سعودية. وقد منح المجلس التشريعي الفلسطيني يوم 18 مارس المنقضي، بأغلبية ساحقة، الثقة لهذه الحكومة، إذ صوّت كل النواب لصالحها عدا نواب الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين (3 نواب). وجرى التصويت في غياب رئيس المجلس عزيز دويك المعتقل في سجون الصهاينة مع 40 من النواب الآخرين. واقتسمت "حماس" و"فتح" أهم الوزارات ووُزّعت بقية الحقائب على عدد من المستقلين والمنتمين إلى فصائل فلسطينية أخرى بعضهم رشحته "فتح" والبعض الآخر "حماس".

ومن أهم ما جاء في البرنامج السياسي لحكومة الوحدة الوطنية، إقامة دولة فلسطينية مستقلة على كل الأراضي المحتلة عام 1967 وعاصمتها القدس، وضمان حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة إلى ديارهم التي شردوا منها عام 1948 وفقا لقرار الأمم المتحدة 194. وأكد البرنامج أن المقاومة ومواجهة الاحتلال والعدوان حق مشروع للشعب الفلسطيني. ومن الأهداف المباشرة لهذه الحكومة، رفع الحصار عن الشعب الفلسطيني وإعادة تشكيل "المجلس الأعلى للأمن القومي" الذي ينظم عمل الأجهزة الأمنية ووضع خطة لإنهاء الفوضى ومنع تجدد الاقتتال الداخلي وصيانة الوحدة الوطنية.

إن ما جاء في البرنامج السياسي لحكومة الوحدة الوطنية والطريقة التي تم بموجبها اقتسام المناصب وتوزيع المهام يستدعي إبداء الملاحظات التالية:

1 - حكومة "حماس" و"فتح"!

إن هذه الحكومة لا تمثل كل الفصائل الفلسطينية الموجودة على الساحة. ويمكن القول أنها حكومة "حماس" و"فتح" وليست حكومة وحدة وطنية باعتبار أن هذين الفصيلين هما اللذان قادا المفاوضات المتعلقة بتشكيل الحكومة وهما اللذان اقتسما أهم الوزارات ووزعا البقية على بعض المستقلين المقترحين من هذا الطرف أو وذاك، وهما اللذين وضعا برنامجها السياسي. وبالمقابل فقد قاطع هذه الحكومة فصيلان لهما وزنهما وتأثيرهما في الساحة الفلسطينية ونعني بهما "الجهاد الإسلامي" التي ترفض الدخول في "السلطة الفلسطينية" وتعطي الأولوية للكفاح المسلح ضد العدو الصهيوني، وكذلك "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين" التي رفض نوابها منح الثقة للحكومة أو المشاركة فيها. وبررت "الجبهة" هذا الموقف بكون برنامج الحكومة يعترف باتفاقيات أوسلو ويغض الطرف عن الملف الأمني إذ لم يتطرق البرنامج إلى ضرورة تحييد الأجهزة الأمنية وفتح ملف الاقتتال الداخلي الذي حصل في المدة الأخيرة بين "فتح" و"حماس"، لتحديد المسؤوليات ومحاسبة المسؤولين ومقاضاتهم.

2 - خطابان لحكومة واحدة

رغم الاتفاق الحاصل بين "فتح" و"حماس" حول اقتسام الحقائب الوزارية وحول البرنامج السياسي، فإن هذا الاتفاق لم يترجم في أقوال الطرفين، إذ يُلاحظ وجود خطابين مختلفين وأحيانا متناقضين. فعلى سبيل المثال، وفي كلمتهما أمام المجلس التشريعي الفلسطيني يوم 17 مارس المنقضي، أكد إسماعيل هنية أن "المقاومة حق مشروع"، في حين شدد عباس على "رفض العنف بجميع أشكاله" في إشارة واضحة إلى رفض عمليات المقاومة.

3 – "حماس" تنزلق نحو توجهات "فتح"

منذ دخولها معترك "اللعبة السياسية" وفوزها في الانتخابات بدأت "حماس" تنزلق شيئا فشيئا نحو "أرضية فتح" أي الاعتراف بـ"اتفاقيات السلام" الموقعة مع الكيان الصهيوني والتخلي ولو جزئيا عن الكفاح المسلح كخيار أولي واستراتيجي في مواجهة الاحتلال، واتباع "سياسة التهدئة" و"المفاوضات"... وقد عبّر هنية عن هذه المنزلقات صراحة أمـــام المجلس التشريعي عندما قال:" إن الحكومة الجديدة تحترم الشرعية الدولية والاتفاقات التي وقعتها منظمة التحرير وإنها ستعمل مع الدول العربية والمجتمع الدولي لإنهاء الاحتلال...". فعن أي شرعية دولية يتحدث هنية وهو يعلم أن هذه الشرعية تتحكم فيها الامبريالية الأمريكية الضامنة الوفية والدائمة لأمن الكيان الصهيوني والرافضة لأي اعتراف بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني؟ وعن أي اتفاقات يتحدث والكل يعلم أن هذه الاتفاقات هي عبارة عن حلول أمنية الغاية منها توفير الأمن للدولة الصهيونية والالتفاف على الحقوق الفلسطينية؟ أما الدول العربية التي يريد هنية العمل معها فهي أبعد ما تكون عن مصلحة الشعب الفلسطيني. فهذه الدول تآمرت ولا تزال على الشعب الفلسطيني ولم تكلف نفسها حتى رفع الحصار عن هذا الشعب وتسديد التزاماتها المالية للسلطة الفلسطينية والبالغة 1460 مليون دولار، وهي في كلمة دمى تحركها واشنطن.

خاتمة:

إن الوضع الفلسطيني في حاجة إلى حوار وطني شامل ومعمق يشارك فيه الشعب الفلسطيني بكل قواه السياسية بعيدا عن ضغوطات العمل السياسي المشروط بالقوانين والاتفاقيات الدولية المحكومة بالسياسات الامبريالية والصهيونية. أما الاتفاقات الثنائية بين "فتح" و"حماس" فلن تؤدي إلا إلى مزيد تكريس الواقع الفلسطيني الراهن الذي يعاني من الحصار ومن الفوضى الأمنية والصراعات الفئوية الضيقة. ورغم الثقل السياسي الكبير الذي تمثله الحركتان المتصارعتان على "السلطة" في الشارع الفلسطيني (حماس وفتح) فإن المسؤولية ملقاة على عاتق الفصائل الفلسطينية الأخرى وخاصة "الجبهة الشعبية" وقوى اليسار الفلسطيني لتوجيه البوصلة وتصحيح المسار بالاعتماد على الجماهير الفلسطينية.



الصفحة الأساسية | خريطة الموقع | البريد الالكتروني