الصفحة الأساسية > البديل النقابي > إعادة هيكلة الاتحاد العام التونسي للشغل من أي منظور ولصالح من؟
إعادة هيكلة الاتحاد العام التونسي للشغل من أي منظور ولصالح من؟
20 تشرين الأول (أكتوبر) 2010

كثر الحديث في المدة الأخيرة عن "إعادة هيكلة" الاتحاد العام التونسي للشغل. وقد تزامن ذلك مع الجدل الذي اندلع حول مسألة "الفصل العاشر" من القانون الأساسي للمنظمة الذي يحدّد مدة العضوية في المكتب التنفيذي بدورتين متتاليتين فقط.

وقد أثيرت المسألة في العلن، أوّل ما أثيرت (منذ مؤتمر المنستير 2006)، على لسان السيد رضا بوزريبة عضو المكتب التنفيذي في معرض حديث أدلى به لإحدى الصحف قبل أن يجعل منها السيد علي رمضان الأمين العام المساعد، المكلف بالنظام الداخلي موضوع حواراته الصحفية خلال الصائفة الماضية فحوّلها إلى ما يمثل "طرحا بديلا" لمواجهة الداعين إلى التمسّك بالفصل العاشر وشكلت موضوع لوائح نقابية صادرة عن هيئات نقابية رسمية مثلما حصل في الهيئة الإدارية الجهوية للاتحاد الجهوي للشغل ببن عروس التي ضمنت لائحتها الداخلية موقفا من "إعادة الهيكلة" في سياق الإعداد للتخلص من الفصل العاشر، وخلافا لما تنصّ عليه القوانين الداخلية ومناشير قسم النظام الداخلي وتقاليد العمل في الاتحاد، نشرت تلك اللائحة للعموم، على صفحات جريدة "الشعب" (في سابقة هي الأولى من نوعها). وكان من الممكن أن تتوسّع الحملة الداعية إلى هذا "البديل" في المنابر والهياكل النقابية الرسمية لولا ردّة الفعل القوية التي أبداها الكثير من النقابيين.

إن كل ما في الأمر هو أن أنصار الاتجاه البيروقراطي، المنافي لمبادئ الديمقراطية النقابية، يحاولون، وإن كان دون جدوى إلى حدّ الآن على الأقل، اختلاق تضارب بين الدعوة إلى "إعادة هيكلة الاتحاد" وبين الدعوة إلى التمسك بالفصل العاشر. وهم يوهمون الرأي العام النقابي بأن هذا التضارب الذي يختلقونه يقابل بين نقابيين يفكرون في "المصلحة العامة" للاتحاد (إعادة الهيكلة) وآخرين لا يفكرون إلا في "مصالحهم الشخصية"، ويتشبّثون بمسائل "جزئية" و"ثانوية" (التمسك بالفصل العاشر)!! ويتخذون من البيانات حصريا وسيلة للمعارضة للتغطية على "فشلهم" وانهزامهم في مؤتمرات هياكلهم على حدّ قول السيد علي رمضان. (أنظر الشروق بتاريخ 25 أوت 2010)

وسنحاول في هذا المقال الوقوف بالتفصيل عند هذه المسألة لنبيّن ما تنطوي عليه اليوم دعوة القيادة وحلفائها إلى "إعادة الهيكلة" لمواجهة دعاة التمسك بالفصل العاشر من أغراض ومرام، ونكشف من هو الذي يدافع بحق عن مصلحة الاتحاد ومن الذي يدافع عن مصالحه الشخصية، أهو الذي يريد استعمال "إعادة الهيكلة" غطاء لتحوير الفصل العاشر ليبقى عضوا بالمكتب التنفيذي مدى الحياة، أم هو الذي يتمسّك بالفصل العاشر ويطرح إعادة الهيكلة في سياق ترسيخ الديمقراطية الداخلية.

1 – "إعادة هيكلة الاتحاد": مطلب القواعد والهياكل النقابية

إن مسألة "إعادة هيكلة" الاتحاد، وهو أمر نسوقه من باب التذكير، لم تكن من القضايا الملحة في نظر القيادة ولا هاجسا من هواجسها بل إنها كانت من المسائل التي لا تحبّذ إثارتها لما تنطوي عليه من مخاطر على مصالحها. وحتى عندما تناولتها في مرات سابقة فقد كان ذلك على سبيل بعض الإجراءات الجزئية والشكلية منها ما وضعته موضع تنفيذ ومنها ما بقي حبرا على ورق مثل التمطيط في المدة النيابية من سنتين إلى ثلاث سنوات بالنسبة للنقابات الأساسية ومن 3 إلى 4 سنوات بالنسبة للجامعات والنقابات العامة والاتحادات الجهوية ومن 4 سنوات إلى 5 بالنسبة للمكتب التنفيذي الوطني وكان ذلك خلال المجلس الوطني الأول بعد مؤتمر سوسة (1991) ويتذكر الأخ علي رمضان أننا كنا وقتها في جبهة رفض لهذا التحوير الذي مررّه السحباني بمساعدة السيد عبد السلام جراد (الأمين العام الحالي) وصوّت ضده عضوي المكتب التنفيذي آنذاك (السيدين علي رمضان وعبد النور المداحي..) وعدد لا يستهان به من أعضاء المجلس الوطني. ومن الإجراءات الشكلية المتخذة من قبل القيادة في إطار إعادة الهيكلة والتي لم تجد طريقها للتنفيذ بعد (وأذكّر أن السيد عبد السلام كان يزيّن بها جدران مكتبه عندما كان مكلفا بالنظام الداخلي) هو نظام النسبية في التصويت داخل الهيئة الإدارية وكان من المفترض أن يعمل به منذ أكثر من 15 سنة مراعاة لتفاوت وزن القطاعات والجهات من حيث نسبة الانخراطات وحاجيات التمويل. وليس خاف على أحد أسباب تعطيل العمل بهذا النظام الذي دفن حالما تمّت المصادقة عليه من قبل الهيئة الإدارية الوطنية منذ بداية التسعينات. وهو ما يعكس عدم حماس القيادة لإعادة هيكلة المنظمة وعدم التزامها حتى ببعض الإجراءات القليلة والشكلية التي اتخذتها هي بنفسها.

ولعل المرة الوحيدة التي كانت فيها القيادة جادة للقيام بعمل مقبول نسبيا في هذا المضمار هو المشروع الذي أعدته قبيل مؤتمر المنستير وكان السيد محمد الطرابلسي اقترح عليها مشروعا تضمّن مقترحات جديرة بالاهتمام ولكنها تغاضت عنها ولم تعمل بها. وقد كانت مبادرة القيادة آنذاك مرتبطة بنية استغلال المؤتمر للتخلص من الفصل 10 للقانون الأساسي بعد أن وجدت صدّا في الهيئة الإدارية وفي المجلس الوطني اللذين سبقاه (طبرقة 2006).

إن مراجعة الأوضاع الداخلية للمنظمة كان واحدا من أبرز مطالب "المعارضة النقابية" طوال أواخر عهد السحباني وكانت في نظر الداعين إلى "التصحيح" في مؤتمر جربة واحدة من مرتكزات الحركة "التصحيحية" المزعومة ومن آلياتها الأساسية التي عوّل عليها أصحابها لإعطاء حركتهم المصداقية المطلوبة. ففي إطار الحركية التي عرفتها تلك الفترة اشتغل الكثير من النقابيين على هذه المسألة وبرزت مقترحات وأفكار متعددة كنت شخصيا من بين الذين شاركوا في الجدل حول إعادة هيكلة المنظمة وساهمت فيه بمقال مطول نشر بصحيفة "الطريق الجديد" وسأحاول إعادة نشره في القادم من الأيام بعد تحيينه.

وفي كلمة فإن الدعوات المتكررة والمختلفة إلى "إعادة هيكلة الاتحاد" قديمة، وهي نابعة من أن المركزية المشطة ونمط الهيكلة التنظيمية العمودي وطرق التسيير الفوقية وسوء التصرف الإداري والمالي كانت من العوامل الأساسية لتدعيم التكتل البيروقراطي واستقراره وتمكنه من المنظمة التي يجثم عليها ويخنق أنفاسها. وقد ازداد الأمر فظاعة مع بروز تقاليد "التصرف الفردي المطلق" في الاتحاد عندما تضخمت "مؤسسة" الأمانة العامة في عهد السحباني خاصة ثم في عهد خلفه الأمين العام الحالي السيد عبد السلام جراد. ولم يكن للقيادة من دور على الدوام سوى "رعاية" هذا الوضع والحفاظ عليه باعتباره الضامن لمصالحها كهيكل وكمجموعة وكأفراد أيضا. وبطبيعة الحال لا يمكن اليوم لأيّ نقابي ديمقراطي متماسك إلا أن يقول: "نعم لإعادة الهيكلة" التي طال تجاهلها من القيادة وانتظرها النقابيون الديمقراطيون والقواعد بفارغ الصبر. وأكثر من ذلك فإن هؤلاء لا يمكنهم إلا أن يطالبوا بأن تصبح "إعادة الهيكلة" مهمّة للإنجاز "الآن وهنا"، خصوصا ونحن نرى بعض أعضاء تلك القيادة ومن بينهم السيد علي رمضان، يبدون "حماسا منقطع النظير" لها ويرون فيها "أولويّة الأولويات"!! ولكن دعونا نتفق أولا وقبل كل شيء على معنى "إعادة الهيكلة" وعلى مضمونها، فرفع الشعار لا يكفي وحده ولا يعبّر عن أكثر، من نوايا، وهي نوايا قد لا تكون دائما حسنة!! فقد يختبئ إبليس أحيانا في التفاصيل.

2 – ما معنى "إعادة الهيكلة"؟؟

تكمن أهمية "إعادة الهيكلة"، في ما ستدخله من تغييرات جذرية وجدية على المثال التنظيمي للمنظمة وعلى دور كل هيكل من هياكلها وعلى علاقة هذه الهياكل بعضها ببعض وبالقواعد أيضا، وعلى طرق التسيير واتخاذ القرار في كافة المستويات. كما تكمن أهميتها في ما ستأتي به من ضمانات لممارسة حرية التعبير داخل المنظمة وحق المحاسبة والمراقبة وسحب الثقة من الهياكل والأشخاص الذين يتنكرون للأرضية التي انتخبوا على أساسها ولمبادئ الاتحاد، وأهدافه، إلخ. وفي كلمة فإن "إعادة الهيكلة" تستمد مشروعيتها ممّا ستدخله من ديمقراطية على الحياة الداخلية للاتحاد وما ستضعه بين أيدي النقابيين، هياكل وقواعد، من آليات لمقاومة النزعة البيروقراطية والانفراد بالرأي وتوظيف المنظمة لخدمة الخيارات والمصالح الفئوية الضيقة لهذا الشخص أو ذاك أو لهذه المجموعة أو تلك على حساب مصالح العمال والشغالين عامة.

إذا كان المقصود بـ"إعادة الهيكلة" هو إجراء مثل هذا التغيير الملحّ، فمن من النقابيين الديمقراطيين والنزهاء بمقدوره أن لا يدعمها وأن لا يباركها وينخرط فيها ويعمل على إنجاحها؟ أمّا إذا كان المقصود بها، وهنا بيت القصيد، استعمالها مطية لإجراء عملية تجميلية شكلية للمثال التنظيمي البيروقراطي للاتحاد وإعادة توزيع الأدوار داخله ومراجعة الصلاحيات ووظائف الهياكل بغرض تعزيز سلطة هياكل التسيير القيادية وتشديد المركزة المشطة أصلا، والتقليص من إمكانيات المراقبة والمحاسبة التي تكاد تكون منعدمة في الواقع الحالي، فإن العملية ستكون في هذه الحالة ذات طابع إجرائي تقني، لا تفيد الاتحاد في شيء وستتحوّل إلى أداة لتعزيز البقرطة والتسلط الفوقي، وهما سبب الداء الذي ينخر المنظمة، بهدف كبح التيار الديمقراطي المنادي بتخليصهما من ذلك الداء. وبعابرة أخرى فإن "إعادة الهيكلة" ستصبح "كلمة حق يراد بها باطل".

إن ما يتوجّس منه النقابيون حقا هو أن يكون المقصود بإعادة "الهيكلة" استخدامها غطاء لضرب المكاسب الديمقراطية على محدوديتها وأساسا تحوير الفصل العاشر من القانون الأساسي!! وهو بالطبع أمر مرفوض لا يمكن أن يمرّ وإن مرّ فإنه سيضع القيادة الحالية خارج أية شرعية لأنها ستكون قيادة منقلبة، وستضع الاتحاد في وضع خطير إذ ستفتح الباب أمام كل الاحتمالات بما فيها احتمال "التفرقع" والتشتت. وفي الحقيقة فإنه يوجد في الواقع ما يبرّر توجّس النقابيين ومخاوفهم. فما هو المضمون الذي تلوّح به إلى حد الآن القيادة أو بعض أعضائها لـ"إعادة الهيكلة"؟

3 – القيادة و"إعادة الهيكلة"

إن ما جاء على لسان بعض الوجوه من القيادة، ومن بينهم المسؤول عن النظام الداخلي يبيّن أنها لا تريد السير بـ"إعادة الهيكلة" إذا ما أنجرت نحو الهدف الذي يرومه معظم النقابيين، بل أن نظرتها لـ"إعادة الهيكلة" هذه تندرج ضمن السياق الثاني الذي تحدثنا عنه وليس ضمن السياق الأول الرامي إلى دمقرطة الحياة الداخلية للاتحاد. وبصورة ملموسة فإن ما يستنتج من التصريحات التي صدرت إلى حد الآن هو أن القيادة الحالية تريد، من خلال "إعادة الهيكلة" تحقيق أمرين اثنين:

1 – تتفيه مطلب التمسك بالفصل 10 وتشويهه ومحاولة تقديمه على أنه مطلب جزئي وثانوي لا أهمية له أمام المطلب "الكبير الحقيقي" ألا وهو "إعادة الهيكلة" وكأن المطلبين متضاربان ومتناقضان، كما سبق أن أشرنا إلى ذلك. ومن جهة ثانية محاولة تقديم المتمسكين بذلك الفصل على أنهم لا غاية لهم سوى "التمسك بالكراسي" و"استعمال المواقع" لـ"مآرب" خاصة وكأن "الكراسي" هي الآن بين أيدي المطالبين بالاحتفاظ بالفصل العاشر وليس بين أيدي السيد علي رمضان وزملائه، وكأن الذي يطالب بالتداول على المسؤولية هو "اللاهث" وراء "الكرسي" وليس من قضى بالمكتب التنفيذي 22 أو 17 سنة وهو يعمل كل ما في وسعه على إلغاء الفصل 10 لمزيد البقاء به!!

2 - جرّ النقابيين إلى موضوع "إعادة الهيكلة" وتلهيتهم ببعض الأمور الجزئية التي لا تشمل الجوهر البيروقراطي للهيكلة القديمة والنفخ فيها وتقديمها على أنها "إصلاحات جوهرية" و"جريئة" و"تاريخية"، وفي خضم ذلك يقع تنقيح الفصل العاشر باسم "المراجعة العامة والشاملة" للهيكلة ولمجمل فصول القانون الأساسي والنظام الداخلي مع تقديم هذا التنقيح على أنه مسالة "بسيطة" لا علاقة لها بالتسيير الديمقراطي للاتحاد. وبهذه الصورة يتم تشريع الانقلاب على الفصل العاشر أي على قرار من أهم القرارات التي اتخذها مؤتمر جربة وأكدها مؤتمر المنستير.

تلك هي الغاية، إذن من كثرة الضجيج الذي تقيمه القيادة حول إعادة الهيكلة لذرّ الرماد في العيون ولصرف الأنظار عن مسعاها الحقيقي ألا وهو الانقلاب على الفصل العاشر. ومن الملاحظ أنه يتداول اليوم في الحلقات الضيقة للقيادة حول جملة من السيناريوهات الممكنة لتمرير الطبخة الجديدة، لم يقع الاستقرار بعد على أحدها، وتتلخص تفاصيل أكثر هذه السيناريوهات رواجا في ما يلي:

- عقد مجلس وطني في غضون شهر جانفي القادم، سيقع الهروب به مرة أخرى إلى أقاصي جنوب البلاد وبالتحديد إلى مدينة توزر حسب الأقاويل الرائجة (أنظر مشروع قرار المكتب التنفيذي الوطني بتاريخ 28 سبتمبر 2010) على أن يدعو هذا المجلس إلى عقد "مؤتمر استثنائي" غير انتخابي مهمته النظر في "إعادة الهيكلة". ولكي تمرّر "الحربوشة" سيرفق النظر في هذه المسألة بالنظر في ملفات أخرى مثل المفاوضات الاجتماعية ونظام التقاعد والتشغيل والتربية والتعليم، إلخ. لإعطاء الانطباع بأن الاتحاد يعدّ بدائله وبرنامجه النقابي للمرحلة القادمة وسيكون ملخص أشغال المؤتمر بمثابة "البرنامج الاقتصادي الاجتماعي" الجديد للمنظمة والحال أنه لا يعدو أن يكون مجرد غلاف لتمرير الملف الأساسي الذي يشغل بال القيادة أكثر من أيّ ملف آخر وهو ملف "إعادة الهيكلة" قصد تنقيح الفصل العاشر والتخلص إلى الأبد من " سقف الدورتين".
- تأخير المؤتمر العادي المقرر في ديسمبر 2011 إلى تاريخ لاحق (في حدود سنة) على أن يخصص هذا المؤتمر حصريا لانتخاب المكتب التنفيذي الجديد على قاعدة شروط الترشح التي تغيّرت في القانون الأساسي الناجم عن "إعادة الهيكلة". وهكذا يجد أعضاء المكتب التنفيذي الحالي (9) (المدعوون في الأصل إلى الانسحاب وعدم تجديد ترشحهم بمقتضى الفصل العاشر) الباب مفتوحا أمامهم، بعد تنقيح هذا الفصل، ليعودوا إلى المسؤولية على رأس المنظمة وإلى الممات.
- عقد مؤتمر استثنائي قبل الموعد القانوني (ديسمبر 2011) يصادق على المشاريع التي سيوصي بها المجلس الوطني حول الملفات المذكورة ويتولى كذلك انتخاب مكتب تنفيذي وطني جديد يسمح فيه لأعضاء القيادة الحالية بالترشح بتعلة أنهم لم يستوفوا المدة النيابية الثانية وبالتالي يحق لهم الترشح لأن الفصل العاشر لا ينطبق عليهم وبذلك. لكن سيكون على القيادة أن تقدّم ما يبرّر عقد هذا المؤتمر بصورة استثنائية عدى أنها ممعنة في ليّ عنق القانون والواقع من أجل البقاء في دفة القيادة.

إن ما يظهر من خلال ملامح "إعادة الهيكلة" التي تسعى القيادة الحالية إلى إنجازها هو أنه علاوة على مراجعة الفصل العاشر (حتى وإن تجنبت التصريح بذلك علنا خوفا من ردود الفعل)، ستقع مراجعة تركيبة الهياكل التقريرية كالمجلس الوطني والمؤتمر الوطني لتقوية حظوظ البيروقراطية في تأبيد هيمنتها على مصائر المنظمة واجتناب أية مفاجآت غير سارة بالنسبة لها. فقد جاء في كلام الأخ علي رمضان في تصريح لجريدة الشروق بتاريخ 25 أوت 2010 أنه عاين، بحكم مسؤولياته على رأس "النظام الداخلي"، "مفارقات عجيبة" منها طريقة التمثيل في سلطات القرار الوطني والجهوي (هيئة إدارية، مجلس وطني، جهوي، قطاعي، مؤتمر وطني، إلخ.). وهو يطلق في هذا الصدد صيحة احتجاج مصرّحا بما يلي: "تصوّر أن أكثر من ثلث أعضاء الهيئة الإدارية لقطاع ما (وحال لسانه يقول ثلث أعضاء الهيئة الإدارية الوطنية) إذا تعلق الأمر بالمؤتمر الوطني لا يمكنهم المشاركة في أشغال المؤتمر الوطني لقطاعهم بسبب طريقة إسناد النيابات وهم المؤهلون والأكثر قدرة على محاسبة المكتب التنفيذي..". ويتضح من خلال هذه الفكرة أن السيد علي رمضان ينوي تنقيح القانون باتجاه أن يكون أعضاء الهيئة الإدارية القطاعية (وبالتالي أعضاء الهيئة الإدارية الوطنية) آليا نوابا في المؤتمر الوطني لقطاعهم. ولا نخال السيد علي رمضان يريد التوقف عند هذا الحد، فالواضح أنه يقدمه كعيّنه على الهيئة الإدارية الوطنية والمؤتمر الوطني، لأنه إذا أصبح أعضاء الهيئة الإدارية الوطنية، بمقتضى هكذا تنقيح ، نوّابا بشكل آلي فإنه يكون ضمن حوالي ربع المؤتمر تقريبا لأنه يعلم أن كسب ولاء أعضاء الهياكل المركزية مثل الهيئة الإدارية الوطنية، أسهل من كسب ولاء النواب المنتخبين مباشرة من النقابات الأساسية هذا علاوة على ما يتضمّن هذا الاقتراح من "تطميع" لأعضاء الهيئة الإدارية لحشرهم وتفعيل دورهم في الصراع حول الفصل العاشر من القانون الأساسي. وهنا يجدر التساؤل: ما معنى أن يكون أعضاء الهيئة الإدارية الوطنية آليا نوابا في المؤتمر؟

إن ما يميّز المؤتمر عن سائر الهيئات القيادية الأخرى، سواء تعلق الأمر بمؤتمر الاتحاد العام أو مؤتمر هيكل قيادي قطاعي (جامعة أو نقابة عامة) أو جهوي (اتحاد جهوي)، هو القوة السيادية والسلطة التقريرية التي يتمتع بها. ويستمد هذه السلطة أساسا من تركيبته التي تعكس كأوسع ما يكون الإرادة الجمعية للمنخرطين وتمثلهم كأقرب وأفضل ما يكون التمثيل عبر نقاباتهم الأساسية.

ومعلوم أنه لأسباب عملية بحتة لا يمكن أن تتجلى هذه الإرادة الجمعية بواسطة الحضور المباشر لكل المنخرطين (الديمقراطية المباشرة) لذلك تقتضي الظروف العملية أن يقع اللجوء إلى إيجاد صيغة للتمثيل النيابي أي عن طريق اختيار نواب ممثلين، حسب نظام يقع الاتفاق في شأنه، للقواعد من أقرب تشكيلة نقابية ذات صلة مباشرة بالمنخرطين وهي النقابة الأساسية. وبناء على ذلك فإن هؤلاء النواب يحملون صفة مخصوصة (ils sont mandatés) ويضفي حضورهم بهذه الصفة على المؤتمر قوة سيادية وتقريرية ممثلة وشرعية.

أما ما اقترحه الأخ علي رمضان بسحب هذه الصفة آليا على أعضاء المكاتب التنفيذية للجامعات والاتحادات الجهوية، بتعلة أنهم أكثر الناس احتكاكا بالقيادة ولكونهم اشتغلوا معها على ملفات وهم بالتالي أكثر الناس أهلية للحكم على مردودها وقدرة على تقدير مجهودها والحكم لها بالتصويت لفائدتها أو عليها بالتصويت ضدها، فإن هذا السحب الآلي يخالف روح المبدأ القانوني ويبتعد عن معنى التمثيل النيابي الديمقراطي ويقلص من صدق ترجمة المؤتمر لمواقف وتطلعات المنخرطين والإرادة الجمعية للقواعد.

لا شك أن هذه النقطة ليست غير تفصيل صغير من مشروع القيادة لإعادة هيكلة الاتحاد الذي نرجو بل ونعتقد أنه لا بدّ وأن يكون موضوع نقاش قاعدي حقيقي واستشارة موسعة تشرّك جميع الهياكل النقابية وعموم المنخرطين لا استشارة شكلية في مجالس مغلقة وحوارات فوقية بعيدة عن المعنيين الحقيقيين بهذه المسألة لتكون إعادة الهيكلة ديمقراطية بحق ومستجيبة لمطمح القواعد والهياكل في حياة نقابية متطورة داخل منظمتهم الاتحاد العام التونسي للشغل.

وكما سبق أن قلنا فإن "إعادة هيكلة" الاتحاد باتجاه دمقرطته لا ينبغي أن تقتصر على مجموعة من الإجراءات التنظيمية بالمعنى الضيق للكلمة بل لا بدّ أن تتأسس على رؤية ومبادئ ديمقراطية تضع بالإضافة إلى آليات التنظيم والتسيير الديمقراطي ضوابط حمايتها من كل محاولات الارتداد عليها ودوسها من جديد.

4 – مبادئ عامة لهيكلة الاتحاد

إن أيّ تصوّر لإعادة هيكلة الاتحاد يعكس المنظور العام للعمل النقابي ولطبيعة الإطار الذي يجسّده وكذلك طرق وأساليب عمله الداخلي ومع جماهير المنخرطين والعمال عموما. ولقد أثبتت الحركة النقابية في تونس وخاصة في فترة التأسيس وطوال الفترة التي سبقت وتلت 26 جانفي 1978 ترابط بل تلازم استقلالية المنظمة بديمقراطيتها الداخلية ونضاليتها حيال مطالب منخرطيها. فمنظمة منغلقة ومتكلسة لا يمكن أن تكون مستقلة ولا منحازة بحق لحقوق ومطالب قواعدها والعكس بالعكس صحيح.

فلا يخطئ إذن من يعتبر أن حلّ المعضلة الديمقراطية الداخلية هو المفتاح الأساسي للنهوض بالمنظمة على بقية الواجهات الأخرى ذلك أنه – وبمعنى ما – لا يمكن أن نتصوّر منظمة مناضلة ومستقلة وهي خاضعة داخليا لنمط تسيير بيروقراطي متحجّر.

لذلك ونحن نناقش مشروع إعادة هيكلة الاتحاد، لا بدّ من الاتفاق أولا على المبادئ التي سينقاد بها هذا المشروع، إذ بالاتفاق على هذه المبادئ تتضح معالم الطريق لوضع الصيغة التنظيمية المثلى. وتتلخص هذه المبادئ في رأيي في المحاور التالية التي ينبغي العودة إليها بالتفصيل والتدقيق:

1 – العودة لمفهوم "اتحاد النقابات" الذي تأسس عليه الاتحاد العام التونسي للشغل على يد فرحات حشاد ورفاقه هذا المفهوم الذي انقلب مع تسرّب وتشدّد النهج البيروقراطي إلى نظام أصبحت فيه النقابات خاضعة وتابعة للمركزية فاقدة لأيّ هامش من هوامش الاستقلالية التي كانت تتمتع بها في بداية تجربة الاتحاد في وضع خياراتها المطلبية والنضالية وفي تسييرها الإداري والمالي. وللتذكير فإن النقابات القطاعية التي تتحد تحت سقف قانون أساسي جامع للاتحاد كانت تنفرد بقوانينها الأساسية الخاصة يضبط نظام سيرها وفق خصوصياتها واحتفظ شخصيا بالقانون الأساسي للجامعة العامة للبريد الذي بقي نافذ المفعول حتى منتصف الستينات من القرن الماضي.

2 - مراجعة نظام التسيير المالي بحيث تصبح النقابات العامة والجامعات هي التي تموّل، بمقادير يقع ضبطها، المركزية النقابية لا العكس كما هو معمول به الآن علاوة على تطوير نظام التصرف المالي بضبط ميزانيات التصرف ورصد الاعتمادات في ضوء المداخيل وتوزيع الحصص بين حاجيات القطاع ونسب المساهمة في مداخيل المركزية والهياكل الجهوية والهياكل المختصة التابعة للقطاعات (الشباب والمرأة...) أو التابعة للمركزية (لجنة النظام ومكتب الدراسات والمكتبة النقابية...) واعتماد آليات المراقبة العصرية المستقلة والخاضعة لقوانين وإجراءات التصرف المالي التي لا تخضع لسلطة الهياكل النقابية المنتخبة (commissaires aux comptes professionnels).

3 – إعادة تنظيم القطاعات في جامعات ونقابات عامة في ضوء التحولات التي طرأت على نسيج مؤسسات وقطاعات الإنتاج (اضمحلال أو تراجع قطاعات نتيجة الخوصصة والتسريح ومحدودية الانتداب والإحالات على التقاعد المبكر وظهور قطاعات جديدة...) وفي ضوء التوزيع الجديد لتمركز قوى العمل وانعكاساته على نسب الانتساب النقابي.

4 – إعادة النظر في صلاحيات الهياكل القيادية التقريرية (المؤتمرات والمجالس الوطنية والهيئات الإدارية) والتنفيذية (المركزية والوطنية القطاعية والجهوية) وتدقيق صلاحياتها وعلاقاتها وآليات وضوابط المراقبة والمحاسبة والمساءلة وسحب الثقة.

5 – فصل التسيير الإداري والمالي فصلا كليا عن المسؤولية النقابية وتعصير طرق التسيير وتطوير منظومة المراقبة والمحاسبة وفق أساليب التصرف المؤسساتي العصرية.

6 – فصل منظومة التأديب وفض النزاعات النقابية الداخلية عن المسؤوليات النقابية المركزية.

7 – مراجعة شروط الترشح باتجاه تيسيرها والتخفيف منها لتشجيع الشباب والنساء والفئات المهنية الأخرى من أجل مقاومة ظاهرة تهرّم الإطارات النقابية ونزعة استدامة "الموقع" (le carriérisme).

8 – مراجعة المدة النيابية لكل التشكيلات النقابية (الأساسية والجهوية والوطنية والمركزية) لتنشيط ديناميكية التجدد والعودة لنظام ما قبل المجلس الوطني لسنة 1991.

9 – تدعيم مبدأ التداول على المسؤوليات النقابية وسحبه على التشكيلات الجهوية والهياكل القطاعية الوطنية على غرار الفصل 10 الخاص بالترشح لعضوية المكتب التنفيذي الوطني.

10 – مراجعة الطابع الاستشاري لهياكل المرأة العاملة والشباب العامل وتوسيع مجال التدخل في فئات اجتماعية من اليد العاملة النشيطة والاحتياطية (العاطلون عن العمل).

وبناء على هذه المبادئ تقع صياغة المثال الهيكلي للاتحاد (organigramme) ويقع تنقيح القانون الأساسي والنظام الداخلي وهو ما سأعود إليه في مقترح لاحق.

خاتمة:

إن التناقض الرئيسي اليوم داخل الاتحاد وداخل الحركة النقابية عامة هو بين أنصار النهج البيروقراطي الجاثم بكلكله على المنظمة النقابية منذ عقود وبين أنصار النهج الديمقراطي الذي يطمح إلى تحقيق تحول نوعي داخل المنظمة لفائدة العمال والشغالين. وإذا كان الطرف الأول، أي البيروقراطي، يريد توظيف شعار "إعادة الهيكلة" لتأبيد سيطرته على مصائر الاتحاد وهو ما يفسر فزعه وتبرّمه من تخصيص الفصل العاشر بالحديث وإبرازه، كما يفسر اختلاقه لتناقض وهمي بين "إعادة الهيكلة" وبين التمسك بهذا الفصل لأنه يربط "إعادة الهيكلة" بالتأسيس لحياة ديمقراطية جديدة داخل الاتحاد، يكون من مبادئها التداول على المسؤولية النقابية لدرء هذه البقرطة والوصولية والزبونية، وهو ما ينص عليه الفصل العاشر الذي أقره مؤتمر جربة 2002 وثبّته مؤتمر المنستير 2006 بعد استخلاص الدرس المرّ من الانفراد بالقرار داخل المنظمة ومن العواقب الوخيمة للبيروقراطية.

ومن البديهي أن تركز الجدال اليوم حول الفصل العاشر لا يعني أنه يمثل أو يختزل كافة جوانب الصراع بين النهجين المتضاربين داخل الاتحاد، كما أنه لا يمثل ولا يختزل كافة جوانب "إعادة الهيكلة" التي يطالب بها كلا الطرفين.

إن الطرف البيروقراطي يربط إلغاء الفصل العاشر بجملة من الإجراءات الأخرى التي تهدف إلى تشديد قبضة البيروقراطية على الاتحاد حتى وإن تظاهر بالاستعداد للقيام ببعض الإصلاحات للمناورة والخداع. أما الطرف الديمقراطي فهو يربط التمسك بذلك الفصل بجملة من الإجراءات التي تضفي على هيكلة المنظمة وعلى طرق تسييرها وأساليب اتخاذ القرار فيها طابعا ديمقراطيا. ولكن كما هو الحال في كل الصراعات فلا بدّ من أن تبرز مسألة من المسائل وتطغى على البقية وتتحوّل إلى عنوان للصراع بأسره. وإن ما جعل الفصل العاشر يكتسي كل هذه الأهمية ويصبح "مسألة المسائل" فلكونه يمسّ عصبا رئيسيا من أعصاب البيروقراطية النقابية، فإذا ما قطع، ماتت معه أعصابٌ أخرى وتوقفت عن الحياة. لذلك ليس من الغريب أن يتخذ الفصل العاشر كل هذا البعد وتتكثف حوله الصراعات بين الخطين النقابيين المتناقضين في الاتحاد. إن الذين يريدون إلغاءه هم عامة أنصار البيروقراطية المتسلطة والذين يتمسكون به هم عامة أنصار الديمقراطية النقابية.

وبطبيعة الحال فإن وراء كل خط من هذين الخطين مصالح تحرك أنصاره وتحدد مواقفهم وأهواءهم. إن الخط الأول، البيروقراطي يرتبط بمصالح فئوية ضيقة لمجموعات صغيرة ومتنفذة، لا يربطها رابط بمصالح العمال والأجراء وطموحاتهم بكم مداخليها وامتيازاتها ونمط عيشها وتفكيرها (وهنا ندعو المسؤولين النقابيين إن كانوا لا يخشون حقا الشفافية وإن أرادوا حقا دحض ما يروج حولهم من إدعاءات أن يكشفوا للقواعد النقابية والعمالية عن حقيقة مداخيلهم ومصادرها وعن قائمة أملاكهم وامتيازاتهم المتنوعة وكيف حصلوا عليها). وقد بيّنت عقود من التجربة أن هذه الفئة البيروقراطية تربط نفسها بعجلة السلطة وأصحاب رأس المال للحفاظ على مصالحها وامتيازاتها التي تكافأ بها على الدور السلبي الذي تقوم به ضد العمال والأجراء. وهو ما يفسّر حاجتها إلى الأساليب والوسائل غير الديمقراطية لتحقيق سيطرتها على القواعد النقابية والعمالية. وهو ما يفسّر أيضا رغبتها الجامحة اليوم وفي التخلص من الفصل العاشر ولجوئها إلى العديد من الأساليب المشينة، بما فيها الاستعانة بالسلطة وأجهزة الأمن، للضغط على معارضيها وتشويه صورتهم.

أما الخط الديمقراطي، فإنه يجعل من تحقيق الديمقراطية داخل الاتحاد وسيلة لتحقيق استقلاليته عبر إرجاع سلطة القرار فيه إلى أصحابها الشرعيين أي القواعد النقابية والعمالية وتحويله إلى إطار حقيقي للدفاع عن مصالح العمال والأجراء، لأن الاتحاد متى أصبح فعلا ديمقراطيا حرا، ومستقلا، إلا وذاد عن تلك المصالح وقام بدور تقدمي داخل المجتمع ووقف إلى جانب الفئات الشعبية الأخرى ومطالبها المشروعة وإلى جانب الحريات والديمقراطية وإلى جانب القضايا العادلة في الوطن العربي وفي العالم، وهو ما برهنت عليه الحياة في الفترات القليلة التي خرج فيها الاتحاد نسبيا من تحت مظلة السلطة.

لقد عرف الاتحاد في تاريخه الطويل منذ عام 1956، إرهاصات ومحاولات عديدة لتحريره من قبضة البيروقراطية وبالتالي من قبضة السلطة التي تدعم هذه البيروقراطية وتمرّر توجهاتها واختياراتها بواسطتها. وقد أجهضت في كل مرة تلك الإرهاصات والمحاولات وفشلت في تحقيق التغيير المنشود، لا لقوة القمع الذي سلط على الحركة النقابية فحسب ولكن أيضا لهشاشة حركات التغيير ذاتها. فهل يمكننا اليوم أن نأمل أن لا يكون مآل الإرهاصات الحالية كمآل الإرهاصات السابقة؟ إن في الواقع ما يجعل هذا الأمل جائزا. فالديمقراطية في تونس أصبحت مطلبا عاما تنادي به جل الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني وفئات واسعة من الشعب، ويصعب الاستمرار في تجاهله إلى ما لا نهاية. وما من شك في أن هذا المناخ العام يمثل الإطار الأنسب لطرح مسألة الديمقراطية النقابية، خصوصا وأن التفاعل السريع والواسع مع نداء "اللقاء النقابي الديمقراطي المناضل" وإمضاء المئات على أرضيته، وهو حدث غير مسبوق في الاتحاد، يبيّن أن لا سبيل لمزيد تجاهل هذا المطمح بل وأن الكيل قد طفح هذه المرة وأن وأنه بات من الصعب أن تبقى دار لقمان على حالها. ولكن ومهما يكن من أمر فإن أمام القوى النقابية الديمقراطية تحدّيا كبيرا عليها مجابهته بكثير من العمل الجاد وباستعداد للتضحية لا يقل جدية.

جيلاني الهمامي
الكاتب العام السابق لجامعة البريد



الصفحة الأساسية | خريطة الموقع | البريد الالكتروني