الصفحة الأساسية > البديل العربي > التحالف الامبريالي، الصهيوني، الرجعي العربي: العدو اللدود للشعوب العربية
التحالف الامبريالي، الصهيوني، الرجعي العربي: العدو اللدود للشعوب العربية
13 آب (أغسطس) 2006

لم يحصل خلال نصف القرن الأخير أن تشابكت مصالح التحالف الصهيوني الامبريالي الرجعي العربي على النحو الذي تتشابك به اليوم على إثر العدوان على لبنان وكذلك على غزة والضفة الفلسطينيتين. ولم يسبق أيضا أن عبّر هذا التحالف عن تشابك مصالحه على النحو الذي يعبر به اليوم. فقد اعتاد الرأي العام العربي والدولي على سيناريو معين وهو أن الكيان الصهيوني يعتدي والحكام العرب يصدرون بيانات إدانة، حتى وإن كان بعضهم أو كلهم متواطئا في الحفاء، والإدارة الأمريكية، تدعو إلى "التهدئة" ووقف الحرب حتى وإن كانت تدعم الكيان الصهيوني عسكريا وسياسيا.

ولكن هذه المرة أصبح كل شيء بالمكشوف. فالرجعية العربية ولأول مرة في تاريخها لا تتورع على لسان محورها الرئيسي المصري السعودي الأردني عن تشريع العدوان الصهيوني على لبنان وعلى غزة والضفة وتحميل مسؤولية ما يجري للمقاومة في البلدين. ولأول مرة أيضا يلتئم اجتماع مجلس وزراء الخارجية العرب التابع للجامعة العربية ولا يصدر بيان إدانة أو احتجاج ولا يتخذ حتى خطوة شكلية بالدعوة إلى "قمة عربية طارئة"!!

هذه الخيانة الموصوفة صفق لها قادة الكيان الصهيوني الذين لم يخفوا مفاجأتهم، بل ذهولهم حسب عبارة مجرم الحرب "أولمرت" من هذا الموقف العربي الرسمي الذي يدعم حربهم على لبنان ويؤيد ضرب المقاومة الوطنية في هذا البلد واجتثاثها. وهو ما يجعلهم يستمرون في العدوان والقتل والتدمير بل وارتكاب جرائم معادية للإنسانية بمظلة عربية رسمية.

أما الإدارة الأمريكية فقد نزعت ورقة التوت بالتمام والكمال، وتدخلت كطرف مباشر في العدوان ليس بتقديم الدعم العسكري وتوفير المظلة الديبلوماسية للمعتدين، وهو أمر مألوف، بل بمطالبتهم علنا بالاستمرار في العدوان والاعتراض على أي وقف لإطلاق النار وتشريع ما يرتكب من مجازر فظيعة على حساب أطفال لبنان ونسائه وشيوخه.

وقد حذا الجرو الانجليزي، بلير، حذو سيده، شاغل البيت الأبيض. وكذلك فعل حكام هولاندا وألمانيا وغيرهما من الدول الامبريالية العربية. وحتى الفرنسي شيراك الذي يشده إلى لبنان ماضي فرنسا الامبراطوري لم يختلف مع بوش وأولمرت إلا في بعض التفاصيل. وكذلك الشأن بالنسبة إلى "بوتين" روسيا. ولازمت الحكومة الصينية صمتا مشبوها. ولم يشذ عن القطيع سوى حكومات إسبانيا وسويسرا وإيطاليا بدرجة أقل التي لم تخفِ معارضتها لتدمير لبنان وارتكاب مجازر فيه.

إن هذا التحالف الصهيوني الامبريالي الرجعي العربي الذي عبر عن نفسه هذه المرة بشكل سافر له ما يفسره في واقع الأمور. فإذا كان الكيان الصهيوني يبحث عن بسط هيمنة إقليمية مطلقة وقبر القضية الفلسطينية من وراء حربه على لبنان والشعب الفلسطيني في غزة والضفة، فإن الامبريالية الأمريكية معنية مباشرة بنتائج هذه الحرب باعتبار أن أي انتصار للكيان الصهيوني يساعدها أولا على إضعاف المقاومة في العراق وثانيا على تيسير هيمنتها على المنطقة وبالتالي على منابع النفط وهو ما يمكنها من هيمنتها على العالم.

أما الامبرياليات الغربية الأخرى فهي رغم خلافاتها المصلحية مع الامبريالية الأمريكية فهي معنية مثلها بالنتائج العامة للصراع في الشرق الأوسط الذي هي في حاجة إلى نفطه وسوقه، حتى ولو تذيلت للامبريالية الأمريكية. وقد عبّرت صحيفة "دير شبيغل" الألمانية بوضوح عن هذا الأمر حين قالت أياما بعد انطلاق العدوان، إن إسرائيل لا تخوض هذه الحرب دفاعا عن نفسها فقط بل عن العالم الغربي (أي الحكومات الامبريالية الغربية) وعن الحضارة الغربية (أي الحضارة البورجوازية الرأسمالية) بأسرها.

ولا يمكن لبوتين أن يعارض العدوان على لبنان بشكل صريح وحاسم لا لأنه في حاجة إلى الدعم المالي الغربي فحسب بل كذلك لأنه يبحث عن تشريع للمجازر التي يرتكبها في الشيشان وإلحاقها بخانة "الحرب على الإرهاب".

ولا تقل الرجعية العربية اهتماما بنتائج العدوان على لبنان من الكيان الصهيوني والإدارة الأمريكية ذاتيهما. فهذه الرجعية وخاصة فصيلها المتقدم (مصر، السعودية، الأردن) تعيش أزمة عميقة وهي مهددة في وجودها، وبالتالي فهي تخشى أي حركة مقاومة في لبنان أو فلسطين أو العراق، تغذي الآمال وتحفز الهمم وتعطي المثال، لذلك فهي شأنها شأن الكيان الصهيوني والامبريالية الأمريكية لها مصلحة في القضاء على بؤر المقاومة في الوطن العربي حتى يتسنى لها البقاء.

ولكن الرياح جرت بما لا تشتهيه سفن بوش وأولمرت ومبارك وعبد الله وغيرهما من الطغاة العرب. فالبربرية الصهيونية والامبريالية وخيانة الأنظمة العربية لم ترهب الشعوب العربية بل زادتها نقمة على هذا الثالوث المجرم وأبرزت لها أنه عدوها اللدود الذي لا مساومة معه. كما أن المقاومة وما تحرزه من انتصارات غذت لديها الأمل في الانتصار وفتحت لها آفاقا جديدة وأعادت إليها الثقة بنفسها.

هذه هي المعادلة الجديدة الهامة التي ستكون لها انعكاسات كبرى في المستقبل، لا في الوطن العربي فحسب بل في العالم أيضا. ذلك أن ما يجري في لبنان شأنه شأن ما يجري في العراق وفلسطين له بعد عالمي. إن أي هزيمة تلحق بالصهاينة وبالامبرياليين الأمريكيين، رأس حربة الرجعية الدولية، ستفتح آفاقا جديدة لشعوب العالم وتحفزها على المقاومة والنضال.

لذلك فإن أهمية الرهان المطروح في الصراع اللبناني الصهيوني مثله مثل الرهان المطروح في الصراع الفلسطيني الصهيوني والعراقي الامبريالي الأمريكي، يقتضي من كل القوى الثورية والتقدمية في تونس وفي الوطن العربي والعالم أن تقف بقوة إلى جانب المقاومة في لبنان وفلسطين والعراق لأن انتصارها انتصار لهذه القوى ولشعوب العالم قاطبة.



الصفحة الأساسية | خريطة الموقع | البريد الالكتروني