الصفحة الأساسية > البديل العربي > لولا تواطؤ الخونة..
لولا تواطؤ الخونة..
13 آب (أغسطس) 2006

شنت الآلة الحربية الصهيونية يوم 12 جويلية المنصرم هجوما عسكريا على جنوب لبنان الشقيق ردا على اختطاف حزب الله جنديين إسرائيليين أسرهما لتبادلهما مع ثلاثة مناضلين لبنانيين كانت إسرائيل قد اختطفتهم من قبل وزجت بهم في سجونها. وقد تبين بعد وقت وجيز أن الكيان الصهيوني يشن حربا شاملة على لبنان لا مجرد غارة عسكرية محدودة وأن أهداف هذه الحرب تتعدّى مجرد الردّ على أسر الجنديين إلى أهداف عسكرية وسياسية أبعد وأوسع أسمتها وزيرة الخارجية الأمريكية إرساء "شرق أوسط جديد". ولم يتأخر الصهاينة عن الإفصاح عن نواياهم وأهدافهم المتمثلة في تجريد حزب الله والمقاومة اللبنانية من سلاحها باعتبارها "منظمة إرهابية" "تهدد أمن إسرائيل والسلم والاستقرار في المنطقة" وبسط الدولة اللبنانية سلطتها على كامل التراب اللبناني وتطبيق قرار مجلس الأمن 1559 الذي رفض لبنان رئاسة ومقاومة وشعبا قبوله وتطبيقه لما فيه من حيف ومن خدمة لمصالح الكيان الصهيوني.

لكن وأمام صمود المقاومة في وجه الغارات الجوية والتوغلات البرية الصهيونية اضطرت إسرائيل إلى مراجعة هذه الأهداف مكتفية بـ"دحر" مقاتلي حزب الله إلى ما وراء الليطاني لإبعاد منصات صواريخهم وتركيز قوة فصل دولية "فاعلة وقوية" على امتداد شريط حدودي يتراوح عرضه بين 6 و20 كلم. وتحت هذا الغطاء راحت القوة الجوية الصهيونية مستندة إلى الدعم الأمريكي والتواطؤ الدولي (الأمم المتحدة) والعربي الرسمي، راحت تدك وتدمّر مدن وقرى الجنوب مخلفة خرابا في المباني والبنية التحتية (180 جسرا) وقتل أكثر من ألف وجرح الآلاف وتهجير أكثر من مليون حسب إحصائيات الأمم المتحدة.

وقد بلغت أعمال الإجرام الصهيوني ذروتها في مذبحة قانا التي أودت بحياة أكثر من ستين مواطنا كلهم من النساء والشيوخ والأطفال (37 طفلا). ولم تقتصر أعمال التدمير والقتل الشنيعــة على بلدة قانا بل شملت كل قرى ومدن وبلدات الجنوب والبقاع والعاصمة بيروت.

لكنّ الشعب اللبناني الأبيّ أثبت رغم كل ما لحق به من أضرار وفواجع وخسائر أنه أقوى من العدوّ الصهيوني وبطشه إذ ازداد تصميما على الصمود وعلى المقاومة وعلى توحيد كلمته وصفّه خاصة وقد وجد في الانتصارات البطولية التي حققتها المقاومة في معارك مارون الرأس وبنت جبيل وعيتا الشعب وبعلبك وغيرها من قرى الجنوب الصامدة ما يرفع معنوياته ويعمق قناعته بمزيد الصمود وباقتراب ساعة النصر.

إن صمود المقاومة وانتصارها في المنازلة البرية تؤكد انتهاء أسطورة "الجيش الإسرائيلي الذي لا يقهر" حيث أجبرت المقاومة - رغم تفاوت الإمكانيات في العدد والعتاد والدعم العسكري الخارجي - العدو الصهيوني على الانسحاب من المواقع التي حاول احتلالها في الجنوب مظهرا عجزه عن اجتياح التراب اللبناني بعدما كان يعتقد أنه سينجز ذلك بشكل سريع وخاطف.

ولم يكن متاحا لإسرائيل أن تقترف ما اقترفته من جرائم لو لم تجد الضوء الأخضر من الامبريالية الأمريكية وخاصة من الأنظمة الرجعية العربية عامة وأنظمة السعودية ومصر والأردن التي بررت تواطؤها مع الكيان الصهيوني على الأشقاء في لبنان بعدم استشارتهم في أسر الجنديين الإسرائيليين ملمحة إلى أن حزب الله إنما يتحرك وفق أجندة وأهداف سورية وإيرانية في المنطقة مثيرة بذلك النعرات الطائفية بين السنة والشيعة.

لقد افتضحت الأنظمة الرجعية العربية التي لم تتمكن حتى من عقد قمة شكلية للتنديد والشجب كما عودتنا على ذلك. لقد باتت هذه الرجعيات خاضعة تمام الخضوع لإرادة بوش ولقادة الكيان الصهيوني المتعطشين للدم العربي في فلسطين وفي لبنان والعراق وفي كل مكان من الوطن العربي. فالرجعية العربية التي اكتفت بالفرجة على ما يدور في لبنان وفي الأراضي الفلسطينية المحتلة من تدمير وقتل ودفعت بجحافل قوات بوليسها لقمع مواطنيها ومنعهم من الاحتجاج والتظاهر والتعبير عن غضبهم حيال هذه الجريمة النكراء. ولنا في ما قام به البوليس التونسي رغم كل المبادرات التمويهية التي أذن بها نظام بن علي خير شاهد على ذلك.

لقد تأكد أكثر من أي وقت مضى أن طريق مواجهة الأعداء الخارجيين ومشاريعهم الامبريالية الهيمنية (الشرق الأوسط الكبير والشرق الأوسط الجديد) وأن طريق التحرير في كل من فلسطين ولبنان والعراق وسوريا وغيرهم إنما يمر عبر القضاء على الأنظمة الجاثمة على رقاب العرب في جميع الأقطار بلا استثناء.



الصفحة الأساسية | خريطة الموقع | البريد الالكتروني