الصفحة الأساسية > البديل العربي > الشعب الفلسطيني بين سندان الصهاينة ومطرقة المؤامرات الداخلية
الشعب الفلسطيني بين سندان الصهاينة ومطرقة المؤامرات الداخلية
أيار (مايو) 2007

الوضع في الأراضي الفلسطينية مقلق للغاية. فبعد مرور حوالي ثلاثة أشهر على تشكيل حكومة الوحدة الوطنية عادت دائرة الأحداث إلى نقطة الصفر. فهذه الحكومة لم تتمكن من حل أهم المسائل التي تشكلت من أجلها وفي مقدمتها رفع الحصار ومنع الاقتتال الداخلي. وهو أمر متوقع في حقيقة الأمر إذا أخذنا بعين الاعتبار طبيعة هذه الحكومة والظروف التي حفـّت بتشكيلها. فهي لم تكن حكومة وحدة وطنية بقدر ما هي اتفاق ثنائي هش بين "فتح" و"حماس" وبرعاية سعودية عملت كل في وسعها على إفراغ هذه الحكومة من كل ما له علاقة بالنضال المسلح المشروع للشعب الفلسطيني تطبيقا لتعليمات واشنطن وطمعا في رفع الحصار. ومن البديهي أن لا تحظى هذه الحكومة بالإجماع الوطني وأن تؤدي إلى خلق فراغ بين السلطة من جهة وبين الشعب الفلسطيني وفصائله المقاومة من ناحية أخرى، وهذا ما أدى إلى انفلات الأمور واشتعال الاقتتال الداخلي من جديد وعدم قدرة القيادات السياسية لا في "فتح" ولا في "حماس" على ضبط الأمور وتجسيد قراراتهم على أرض الواقع.

من جهة أخرى فإن الحصار لم يُرفع رغم كل ما قدمته هذه الحكومة من تنازلات ومن تطمينات. وهذا يؤكد مرة أخرى أن الاستجابة للإملاءات والرضوخ لسياسة واشنطن وتل أبيب لا يؤدي إلا إلى مزيد إضعاف الوحدة الوطنية وتشتيت الطاقات وزرع الأوهام حول إمكانية تحقيق مكاسب عن طريق الخضوع والاستسلام. فالحصار لن يُرفع إلا بالصمود والمقاومة ورص صفوف الشعب وتقوية الثقة بينه وبين قيادته الموحدة. في هذه الحالة ستقتنع القوى الامبريالية والصهيونية والرجعية بأن لا فائدة من مواصلة حصار يعطي نتائج عكس ما تتمناه. أما سياسة "التهدئة" والاقتتال الداخلي من أجل "سلطة" يتحكم فيها الاحتلال فلن تؤدي إلا إلى مزيد من المآسي ومن الهزائم. وأمام هذه التحديات فإن الرئيس الفلسطيني محمود عباس لا همّ له سوى الجري وراء إرضاء حكومة أولمرت الصهيونية والتشاور مع الفصائل الفلسطينية قصد التوصل إلى اتفاق بشأن "العودة إلى التهدئة". وقد صرّح في هذا الشأن بأن الحل يكمن أولا وقبل شيء في إيقاف عمليات المقاومة وخاصة إطلاق الصواريخ التي وصفها بأنها "عبثية" وتعطي "ذريعة لإسرائيل لتوسيع عدوانها". وهو كلام قديم/جديد أثبتت التجارب المريرة للشعب الفلسطيني خوره. فـ"إسرائيل" ليست في حاجة إلى "ذريعة" لمواصلة اعتداءاتها وتوسيع احتلالها وتوجيه ضرباتها إلى المقاومة. وهي اليوم، أكثر من أي وقت مضى، تحظى بدعم الامبريالية العالمية بقيادة الولايات المتحدة وبتواطؤ الرجعيات العربية.

المقاومة الفلسطينية ذات التجربة المريرة والغنية لم تستجب لـ"هرولات" عباس، وهي اليوم تعمل كل ما في وسعها على تطوير أساليب نضالها وابتكار أسلحة جديدة دون إغفال الجانب السياسي الذي يتطلب الحفاظ على الوحدة الوطنية والسعي المتواصل لتوحيد الصف وتجميع القوى بما يقطع مع التشتت والفئوية المقيتة التي أضعفت كثيرا هذه المقاومة.

وفي هذا الإطار توسعت دائرة إطلاق الصواريخ وتعممت على كل فصائل المقاومة تقريبا (الجبهة الشعبية، الجهاد الإسلامي، حماس، كتائب شهداء الأقصى...). كما أن نوعية هذه الصواريخ ما فتئت تتطور لتشكل بالفعل سلاحا فعالا من شأنه أن يخلق نوعا من التوازن العسكري ويجبر العدو الصهيوني على التراجع وعدم الاستهانة بقدرات الشعب الفلسطيني خاصة وأن هذا السلاح (سلاح الصواريخ) أثبت نجاعته وفعاليته في حرب لبنان الأخيرة وكان حاسما في تحقيق النصر لصالح المقاومة اللبنانية.

من جهة أخرى تواصل الفصائل الفلسطينية مشاوراتها واجتماعاتها من أجل توحيد الصف وبحث سبل مواجهة العدوان الإسرائيلي المتصاعد، ونبذ كل أشكال التوتر الداخلي.



الصفحة الأساسية | خريطة الموقع | البريد الالكتروني