الصفحة الأساسية > البديل العربي > عدوى العراق وفلسطين تنتقل إلى لبنان
عدوى العراق وفلسطين تنتقل إلى لبنان
أيار (مايو) 2007

ما يجري الآن في لبنان من مواجهات عسكرية بين الجيش اللبناني وبين "فتح الإسلام" لا يمكن أن يكون معزولا عن المشروع الامبريالي الصهيوني في منطقة الشرق الأوسط. فبعد تورط واشنطن بقيادة المحافظين الجدد في العراق وخسارتها للحرب هناك وبعد تلقي الجيش الصهيوني صفعة على يد المقاومة اللبنانية بدأت الأخبار تتسرّب عن مشروع امبريالي صهيوني يهدف إلى إشعال الحروب الطائفية في المناطق "المقلقة" وفي مقدمتها فلسطين ولبنان بعد أن اشتعلت هذه الحرب في العراق.

الغريب في الأمر أن هذا المشروع الجهنمي عرف طريقه إلى النجاح بسرعة غير متوقعة. ففي العراق أصبحت الحرب الأهلية ذات الطابع الطائفي والديني أمرا واقعا وضحاياها بالآلاف كل شهر. وفي فلسطين فـَقـَد السلاح الفلسطيني عقله وأصبحت البندقية تـُوجه إلى صدر ابن البلد عوضا عن المحتل الغاصب. وبسرعة غير متوقعة انتقلت هذه العدوى إلى لبنان.

وبغض النظر عن الأسباب المباشرة والمعلنة لما يجري في لبنان فإن الحقيقة المؤلمة التي لا يمكن نكرانها هي أن الامبريالية الأمريكية والصهيونية نجحتا في نقل عدوى الحرب الداخلية إلى هذا البلد. وما يجري الآن هو حرب يخوضها الجيش اللبناني بالوكالة عن واشنطن وتل أبيب. وفي كل الأحوال، ومهما كان اسم "الرابح" من هذه المواجهات، سواء الجيش اللبناني أو "فتح الإسلام"، فإن الرابح الأكبر هما واشنطن وتل أبيب. أما الخاسر الأكبر فهو بالطبع الشعبين اللبناني والفلسطيني. والسؤال الذي يظل يطرح نفسه هو كيف يمكن للامبريالية والصهيونية أن تنجحا بمثل هذه السهولة في تأجيج الصراعات الداخلية ودفعها نحو الاقتتال الداخلي؟

لا بد وأن هناك أرضية تساعد على سهولة مرور مثل هذه المشاريع المعادية لمصالح شعوب المنطقة. وهذه الأرضية هي طغيان الفكر الطائفي على العمل السياسي والعسكري. وهذا لم يأت من فراغ بل هو أمر مخطط له منذ سنوات. ولو عدنا إلى الوراء لأدركنا أن الامبريالية العالمية، بقيادة أمريكا وحليفتها الأولى بريطانيا، عملت كل في وسعها على نشر الفكر الغيبي ودعم حركات الإسلام السياسي زمن الحرب الباردة وفي خضم الحرب الإيديولوجية على الفكر الشيوعي. واليوم تحاول استثمار ذلك بكل السبل. فمن ناحية إدخال العالم في حرب لا تنتهي أطلقت عليها اسم "الحرب على الإرهاب" تستهدف بدرجة أولى تنظيم "القاعدة" مع شن ضربات "استباقية ضد دول وُضعت في خانة "الدول الداعمة للإرهاب"، ومن ناحية أخرى دفع بعض حركات الإسلام السياسي، بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، للقيام بأعمال إرهابية معزولة تكون منطلقا لحرب داخلية. وهو ما حصل في لبنان.

إن تشابك المصالح في لبنان وتعقيدات الأوضاع السياسية فيه تجعلنا نتساءل عمن يقف بالفعل وراء الاشتباكات الأخيرة. فكل الوقائع تشير إلى أن هناك أيادي خفية تدفع باتجاه الكارثة الكبرى، أي اتساع دائرة المعارك ودخول أطراف أخرى، داخلية وخارجية، على حلبة الصراع. ما مصلحة "فتح الإسلام" في إدخال لبنان في أتون حرب قذرة كهذه؟ وما مصلحة الجيش اللبناني في قصف مخيم "نهر البارد" بالمدفعية الثقيلة والدبابات والمروحيات وقتل الأبرياء من اللاجئين الفلسطينيين وهدم بيوتهم وتهجيرهم منها؟ ولماذا كل هذا الإصرار من طرفيْ النزاع على مواصلة الحرب إلى النهاية وعدم الاستجابة إلى دعوات التعقل وفسح المجال للتحركات السياسية؟

إن الإجابة عن كل هذه الأسئلة تكمن في الإجابة عن سؤال واحد وهو: من المستفيد؟ والإجابة عن هذا السؤال واضحة وضوح الشمس، المستفيد الوحيد مما يجري في لبنان ومما يجري في فلسطين ومما يجري في العراق من اقتتال داخلي هما الامبريالية والصهيونية.

لكن السؤال الذي سيظل يلاحقنا هو: إلى متى ستظل أمريكا والكيان الصهيوني يلعبان بمصير شعوب المنطقة بكل هذه السهولة والبساطة؟



الصفحة الأساسية | خريطة الموقع | البريد الالكتروني