الصفحة الأساسية > البديل العربي > الطائفية تعيق دحر الاحتلال
5 سنوات على احتلال العراق:
الطائفية تعيق دحر الاحتلال
15 نيسان (أبريل) 2008

كم يجب على الشعب العراقي أن يدفع من أرواحه ومن ثرواته حتى تنتهي المحرقة التي يتعرض لها؟ ألا يكفي مليون قتيل وملايين أخرى من المشردين واللاجئين والبقية التي استثناها الموت والتشرد تعاني من انعدام أبسط ضروريات الحياة من غذاء وماء ودواء وحد أدنى من الشعور بالأمان؟

خمس سنوات من الاحتلال البربري الذي قلما شهد له التاريخ الحديث مثيلا في الشراسة والهمجية حوّل العراق إلى بلد مفكك تنهشه الصراعات الطائفية التي زرعها الاحتلال كالوباء الذي أتى على كل شيء.

إن العصابة الغازية لا يهمها عندما تتحدث عن "ورطتها" في هذا البلد لا عن عدد القتلى في صفوف الشعب العراقي ولا عن الكارثة الكبرى التي أصابت هذا البلد، ما يهمّها فقط هو مصالحها الضيقة والمتمثلة أساسا في ضمان سرقة نفط العراق ومنع نشوء مقاومة قادرة على طرد المحتل وكنس عملائه وبناء دولة تكون منطلقا لاتساع المقاومة في جميع المنطقة العربية التي تحتلها الامبريالية الأمريكية بصفة مباشرة أو غير مباشرة. وهذا يؤكد أن من يحكم الولايات المتحدة حاليا هي عصابة من القتلة والمجرمين واللصوص الذين لم يعد لهم ما يقدموه لشعوب العالم سوى التقتيل والقهر والإخضاع ونهب الثروات... لقد اختفت العبارات التي كان يرددها هؤلاء المجرمون في السنوات الأولى للاحتلال حول الديمقراطية وغيرها من الأكاذيب التي لم يعد بإمكانهم خداع حتى السذج بها، وحلت محلها "المصالح الحيوية للولايات المتحدة الأمريكية" في حال انسحاب قواتها من العراق.

لقد كان بإمكان المقاومة العراقية طرد المحتل في أقل من 5 سنوات، باعتبار وأنها تمكنت خاصة في الثلاث سنوات الأولى من إلحاق الهزيمة الميدانية بالغزاة باعتراف هم بالذات، لكن الطائفية حالت دون تحقيق هذا الهدف. فالمقاومة المسلحة منقسمة وغير موحدة وكل طرف يحارب تحت رايته الخاصة التي غالبا ما تكون راية طائفية أو محكومة بتصورات دينية ضيقة. وقد عمل المحتل على تأجيج النزاعات الطائفية والدينية من خلال بثّ عملائه في جسد الشعب العراقي لزرع الفرقة والتقاتل وصبّ الزيت على النـّار كلما لاحظ أن هناك بوادر توحد أو تراجع للاقتتال الطائفي. وللأسف فقد نجح إلى حد معين في مسعاه هذا وتمكن من جرّ بعض فصائل المقاومة المسلحة إلى مستنقع الصراعات الطائفية والقتل والقتل المضاد على الهوية.
ومما سهّل مهمته أن أغلب فصائل المقاومة تعتمد على المرجعية الدينية والطائفية في التعبئة والدعاية وهو ما يجعل توحدها أمرا عسيرا رغم النوايا الحسنة والمحاولات القليلة التي تقوم بها بعض الفصائل من أجل لمّ شمل السلاح وجعله يتكلم لغة واحدة، لغة الوطن بغض النظر عن أعراقه وطوائفه وأديانه، وتوجيهه وجهة واحدة نحو المحتل وأذنابه دون سواهما.

ومما زاد الطين بلة أن المقاومة العراقية تعرّضت إلى حصار عسكري وسياسي شامل شاركت فيه كل أنظمة العالم تقريبا بما في ذلك الأنظمة العربية التي انخرطت بشكل غير مسبوق في المشروع الامبريالي الصهيوني حتى أن بقاءها ومستقبلها أصبح مشروطا بنجاح هذا المشروع. كما أن شعوب العالم لم تتحرك بالشكل اللازم والمطلوب لممارسة ضغط جدي على الأنظمة الامبريالية المشاركة في العدوان وعلى توابعها.

ورغم كل هذه المعيقات الموضوعية والذاتية فإن المقاومة العراقية نجحت في الحفاظ على وجودها وعلى استمرارية ضرباتها للعدو، إلى حد جعل هذا الأخير يعترف بهزيمته في أكثر من مناسبة فازدادت الأصوات الداعية إلى الانسحاب حتى من داخل العصابة الغازية.

إن الشعب العراقي سيتمكن في نهاية المطاف من توحيد مقاومته ومن التصدي لكل محاولات زعزعة وحدته الوطنية، هذه الوحدة التي يستحيل بدونها تحقيق النصر الكامل والنهائي على عدو شرس وبربري ويمتلك قدرات عسكرية ومادية هائلة.



الصفحة الأساسية | خريطة الموقع | البريد الالكتروني