الصفحة الأساسية > البديل النقابي > انكشاف الحقائق المُرّة!!
في مؤتمر الاتحاد الجهوي بسليانة:
انكشاف الحقائق المُرّة!!
تموز (يوليو) 2005

انعقد يوم الاثنين 27 جوان المنصرم المؤتمر العادي للاتحاد الجهوي للشغل بسليانة برئاسة عضو القيادة النقابية عبيد البريكي وبحضور عدد من زملائه (بوزريبة واليعقوبي…) و77 نائبا عن مختلف التشكيلات النقابية بالجهة. وقد تدخلت لجنة النظام الوطنية قبيل انعقاد المؤتمر لحسم أمر توزيع النيابات بطلب من عدد من المترشحين تلافيا لأية إمكانية للتلاعب التي بدت بعض مؤشراته من خلال سلوك الكاتب العام المتخلي مولدي السياري. وقد تزامنت هذه المؤشرات مع جملة من الممارسات الأخرى التي أوحت بأن السلطة عازمة على التدخل في شؤون المنظمة في الجهة لنصرة السياري ضد قائمة أخرى تزاحمه وهي تحالف عدد من الوجوه النقابية الديمقراطية أو على الأقل لا تحوز على رضاء السلط الجهوية هناك. ومن هذه الممارسات تدخل الكاتب العام للجنة التنسيق للضغط على بعض النواب مثل محمود المحواشي ومطالبتهم بالتصويت لقائمة السياري. كما تدخّل معتمد قعفور واستدعى النائب عمار كافية وطالبه بالتخلي عن النيابة بعد أن رفض صراحة التصويت للسياري وبإسنادها إلى شخص آخر. وكرر معتمد قعفور العملية مع نفس النائب إلى صبيحة يوم المؤتمر بالذات إذ أنه استدعى عمار كافية مرة أخرى واتهمه بكونه "ضد النظام" مشددا على ضرورة أن يمضي توكيلا لصالح شخص آخر ليكون نائبا بدلا عنه ولم يخل سبيله ليلتحق بالمؤتمر إلا بعد حوالي الساعة ونصف وبعد أن تدخل الهادي الغضباني لدى وزير الداخلية للاحتجاج على ذلك. وتدخل الوزير ووالي الجهة لإجبار المعتمد على إخلاء سبيل عمار كافية ليلتحق بالمؤتمر.

ومن جهة أخرى اتصل كل من أحمد الشافعي وضيف الله بالنائب حسين العرفاوي (نقابي من شركة الإحياء الفلاحية بقعفور) "لإقناعه" بالتصويت لقائمة السياري والتي كان الشافعي مترشحا ضمنها وعرضا عليه مبلغ 2000 دينار حتى يتسنى له مواجهة مصاريف أشغال بناء منزله. غير أن العرفاوي رفض العرض وصمد أمام كل الضغوط مصرا على عدم نصرة السياري بسبب التجاوزات التي قام بها على حساب العمل النقابي بالجهة وعلى حساب نقابة شركة الإحياء بالذات.

في مثل هذه الأجواء من الضغوط والتهديدات والإغراءات انعقد المؤتمر وقد حرصت قيادة الاتحاد هذه المرة على التزام "موقف الحياد" إقرارا منها أو بالأحرى حرجا من حجم الضرر الذي ألحقه السياري بالجهة وبتراجع نفوذه وعدم قدرته على الفوز ما لم يلق مساندة من السلطة أو من المركزية. وقد جاءت المساندة هذه المرة من السلطة وكذلك من بعض الأشخاص المحسوبة على اليسار وبالتحديد من بعض فصائل "العائلة الوطنية" (وطج ووطد) إذ شكلوا معه قائمة وجندوا مناضليهم للدعاية له وللتصويت لصالحه. وقد حاولوا التمويه في البداية وتقدموا بقائمة منفردة بأربعة مرشحين (محمد الجويني وسليمان المليتي وأحمد الشافعي ورضا الزكراوي)، لكن عملية التصويت كشفت اللعبة وعرت تحالفهم مع السياري. ذلك أن التصويت جرى بالتزام شبه تام من قبل كل طرف من الطرفين المتنافسين لفائدة قائمته أي قائمة المولدي السياري (وضمنها الأربعة "يساريين" المذكورين) والقائمة المضادة إذ انضبط للأولى 37 نائبا وللثانية 35 نائبا ولم يخلط بين الاثنتين إلا 5 نواب فقط وهو ما يعني أن نواب "اليساريين" (وطج ووطد) أي أكثر من 20 نائبا صوتوا بانضباط لقائمة مولدي السياري حتى يضمنوا لأنفسهم النجاح وأي نجاح!؟

ونتيجة لذلك نجح من قائمة مولدي السياري 7 أعضاء (منهم 4 "يساريين") ومن القائمة المضادة نجح اثنان فقط هما عبد الستار الجلاصي وبلقاسم العبيدي الذي ترشح للكتابة العامة ولم يحصد إلا صوتين فيما تحصل السياري على 7 أصوات أي على أصوات أربعة "اليسار". وللتذكير فقط تحصل آخر من نجح للمكتب الجديد على 38 صوت أما العناصر التي لم تفز من القائمة المضادة فقد تحصلوا على 37 صوت (3 عناصر) و36 (عنصران) و35 صوت (عنصر واحد) وهو ما يبين أن الفارق كان ضعيفا جدا وأن الصراع بين القائمتين كان محتدما إلى أبعد الحدود وأن نواب تيارات "العائلة الوطنية" هم الذين حسموا الأمر ليس لصالح بديل يساري ديمقراطي وإنما لإعادة إنتاج قيادة جهوية موالية بالمكشوف للسلطة ومعادية لمصالح العمال والكادحين. ويتساءل المرء هنا ما مصلحة هذه العناصر في ما حصل ولماذا تصرفت بهذا الشكل؟ إن مناضلي الجهة الذين عملوا منذ أمد بعيد على استنهاض قوى الجهة لتشكيل جبهة مضادة لرموز الفساد وأعوان السلطة في العمل النقابي يعلمون بحكم التجربة طبيعة المصلحة التي حركت وتحرك عناصر التيارين المذكورين بالجهة ليكونوا سندا للسياري الذي لم يلحق أحد ضررا بالعمل النقابي في الجهة بحجم الضرر الذي ألحقه هو به. فهل بمقدور الجماعة أن يتناسوا للحظة واحدة أن السياري عضو بشعبة دستورية وترشح لعضوية اللجنة المركزية للتجمع ولم ينل ثقة التجمعيين ذاتهم ولهث وراء ترشيحه لمجلس النواب ولم يفلح ويعمل الآن ضمن مجموعة من الكتاب العامين للاتحادات الجهوية للي ذراع قيادة الاتحاد حتى تنقلب على موقف الهيئة الإدارية الوطنية بخصوص مجلس المستشارين! وهل بمقدورهم أن يتناسوا أيضا أنه أوصد باب الاتحاد في وجه النقابيين ووشى بهم للوالي والمعتمدين في أحد المؤتمرات! وهل بمقدورهم أن يتجاهلوا طبيعة وحجم السرقات التي قام بها من أموال الاتحاد والمنخرطين؟ والسلسلة من الأضرار طويلة ولا يمكن حصرها. فكيف رغم كل ذلك يضع "مناضلون يساريون" أيديهم في يده ليظل جاثما على صدر الجهة مانعا أي تغيير من شأنه أن يطلق أيدي تلك الطاقات التي صمدت أمام ضغوط الحزب الحاكم والسلط الجهوية من أجل إعادة الاعتبار للعمل النقابي الصحيح. إن مولدي السياري وبشهادة الجميع هو العقبة الرئيسية في وجه أي تطور للعمل النقابي بالجهة ويفترض من كل مناضل يساري أن يضع نفسه ضمن أي مجهود تقدمي وديمقراطي لتخليص الجهة منه مهما كانت الخلافات مع من يقوم بهذا المجهود. لكن "الرفاق" من "الوطج والوطد" خذلوا هذا المسعى الذي بدا هذه المرة جديا ومن شأنه تحقيق النقلة المطلوبة علما وأم الذين ألفوا القائمة المضادة للسياري عرضوا عليهم التحالف في قائمة ديمقراطية إلا أنهم رفضوا بعنوان "نحن مع الطرف الأقوى". وقد اثبت التصويت أن مولدي السياري ليس "الطرف الأقوى" وأنه كان عاجزا عن الحصول على أكثر من 20 صوتا وبالتالي ما كان ليبقى في موقعه لولا أصوات تيارات "اليسار" "الوطنية الديمقراطية". فما مصلحتهم إذن؟ مرة أخرى الجواب واضح وهو الموقع ولا شيء غير الموقع، وكيفما اتفق وبأي وسيلة كانت ومهما كان الثمن! ولكن ما فائدة موقع ملوث بكل هذه القاذورات؟ الجواب نجده في ممارسات بعض من احتل، من هذا التيار موقعا سابقا بالاتحاد الجهوي بسليانة من أمثال نجيب عطية وعبد الرزاق الرويسي. لقد اصبح هذا الأخير وهو زعيم الجماعة الأسبق في الجهة وفي كامل منطقة الشمال الغربي، صاحب أعمال وينشط ضمن منظمة الأعراف ومنخرطا بالتجمع ولا يخفي تبرأه من "رفاق الأمس"، وبعبارة أخرى فإن "الموقع النقابي" ليس سوى مطية لخدمة المصالح الشخصية، وهذه الغاية تبرر كافة الوسائل والأساليب الانتهازية المستعملة لبلوغها.

لقد انكشفت الحقيقة وتبين أن ليس كل من يدعي اليسارية والثورية هو فعلا يساري وثوري. فالممارسة تبقى المحك الحقيقي الأول والأخير لصدق الأقوال والنوايا. وما لم يتبين بعد للرفاق الوطد والوطج بجهة سليانة أن سياسة "المواقع" لا تضمن المستقبل فضلا على أنها لا تمت للمبادئ بصلة ولا تلحق باليسار ككل سوى الشبهات والتشويه وفقدان المصداقية. وكل ما نتمناه أن لا يستمر المناضلون النزهاء من هذا التيار المتواجدين بالجهة أو بجهات أخرى في "تغطية عين الشمس بالغربال" أي في الدفاع عن "رفاقهم" المتواطئين جهرا أو سرا مع الدكتاتورية وأذنابها في الحركة النقابية، وقلب الحقائق لإيجاد التبريرات لسلوكهم. فالتواطؤ مع هؤلاء المحكوم بعقلية "العائلة" المقيتة هو أولا تلاعبا بالمبادئ وانتهازية صارخة وثانيا يشجع أصحاب الأعمال المشينة على الإمعان فيها ملحقين أشد الضرر بالعمل النقابي الثوري.

نقابي من سليانة



الصفحة الأساسية | خريطة الموقع | البريد الالكتروني