الصفحة الأساسية > بديل الشباب > تلاعب جديد بمستقبل الشعب
باكالوريا 2005:
تلاعب جديد بمستقبل الشعب
تموز (يوليو) 2005

أعلنت وزارة التربية يوم الأحد 3 جويلية 2005 نتائج الدورة الثانية لمناظرة الباكالوريا، وبذلك تكون نسبة النجاح العامة في الدورتين 66,25% حسب المصادر الرسمية. ومباشرة بعد الخروج من "غصرة" المناظرة اتجهت أنظار الناجحين وأولياؤهم إلى "مناظرة" أخرى لا تقل صعوبة وضغطا وهي "التوجيه الجامعي" الذي على ضوئه يتحدد مستقبل الآلاف من الناجحين في الباكالوريا. فكيف تمت باكالوريا هذه السنة وما هي المصاعب التي تنتظر الناجحين الجدد؟

تم إجراء مناظرة الباكالوريا هذا العام في ظروف مشابهة للسنوات الخمس الماضية إذ تم اعتماد احتساب المعدل السنوي بنسبة 25% من المعدل النهائي للباكالوريا حين يكون معدل الأخيرة أقل من المعدل السنوي، مما حوّل الباكالوريا إلى منزلة بين المنزلتين، فهي لم تعد مناظرة بالمعنى الدقيق ولا امتحانا كما هو متعارف عليه، وهو في الحقيقة أمر دأبت عليه دولة البرجوازية في تونس خاصة في السنوات الأخيرة حيث تحول القطاع التعليمي إلى قطاع للتجريب من جهة ومجال للتوظيف السياسي من جهة أخرى. وآليا يكون الضحية أبناء الشعب وبناته من المتمدرسين من جهة والحاضر والمستقبل الثقافي والحضاري لتونس من جهة أخرى. فالسلطة ما انفكت تتلاعب بهذا القطاع الحساس وتحوله إلى مخبر تجارب لبرامج متتالية لم تراع في يوم حق التلميذ والأستاذ وعموم مكونات الأسرة التربوية في إبداء رأيها واختيار مناهج التدريس ومحتويات الدرس وطرق تنظيمه. كما أظهرت في السنوات الأخيرة سلوكات فظيعة لم تكن متواجدة في العقود السابقة، هذه الظاهرة هي ظاهرة التوظيف السياسي لنتائج الامتحانات والمناظرات. فالجميع في بلادنا يعلم سر هذا الانتفاخ الفجئي في السنوات الأخيرة للنتائج المدرسية. فإذا كانت ارتباطات الدولة مع الدوائر الاقتصادية الخارجية تفرض عليها التطبيق الحرفي لوصفاتها التي من بينها المضاعفة القصوى لعدد حاملي الشهادات والإلقاء بهم على قارعة الطريق، فإن التوظيف الانتخابي والدعائي لبن علي وحزبه وسلطته الدكتاتورية يفترض العزف على الوتر الحساس للعائلة التونسية، وليس أهم في هذا الإطار من وتر "نجاح الأبناء والبنات" وهو في تقديرنا أمر خطير بل هو جريمة في حق حاضر البلاد ومستقبلها.

إن بن علي ودولته يتحملان المسؤولية كاملة في تدمير الذاتية الثقافية والعلمية والفكرية للشعب التونسي من خلال التلاعب بحقه وحق أبنائه في التحصيل العلمي ذي المصداقية وذي الكفاءة. فالنفخ في النتائج هدفه الحقيقي هو الدعاية للسلطة وسلطانها وخاصة في ظل الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية الصعبة التي تمر بها البلاد، بل إننا لا نبالغ حين نتحدث عن حالة احتقان وأزمة آخذة في الاحتداد تنذر بانفجار قادم لا محالة. وهذا ما يفسر إلى حد كبير التجاء السلطة إلى هذه الجرعات التسكينية.

ولا يعني كلامنا هذا أننا ضد نجاح الأغلبية الساحقة من الممتحنين، بل نحن فقط ضد التلاعب والتوظيف وإخضاع التعليم لأهداف غير علمية، لهذا كنا ولا زلنا نناضل من اجل إصلاح جذري وجوهري للتعليم تقوم به كفاءات القطاع وكافة مكوناته. فالشعب التونسي يريد تعليما حقيقيا يرتقي بمستواه العلمي والتقني والفكري والفني… تعليما إجباريا، ديمقراطيا، علمانيا. تعليما يهندس الأرواح ويرتقي بها، لا تعليما يعيد إنتاج الأمية والجهل، تعليما لا يصنع إلا ببغاءات وماكينات غبية لخدمة مصالح رأس المال. إن التعليم الذي نريد هو الذي يربي ويطور الملكات النقدية والتقدمية للتلميذ والطالب اللذين يمثلان المخزون الحضاري والرمزي لمستقبل الشعب والوطن.

لقد أثبتت امتحانات هذا العام أيضا مدى تلاعب السلطة بمصالح الممتحنين من ذلك ما جرى في معهد حاجب العيون في اليوم الأول لدورة التدارك حيث تم توزيع اختبارات اليوم الثاني وهو ما يثير الشكوك حول مصداقية الامتحان في تونس!



الصفحة الأساسية | خريطة الموقع | البريد الالكتروني