الصفحة الأساسية > البديل العالمي > حرب امبريالية لإعادة اقتسام النفوذ في العالم
حـرب القـوقـاز:
حرب امبريالية لإعادة اقتسام النفوذ في العالم
25 أيلول (سبتمبر) 2008

انفجرت الأوضاع في منطقة القوقاز خلال المدة الأخيرة. وقد بادر بإشعال الفتيل النظام الرجعي الجورجي بتحريض مباشر من الولايات المتحدة الأمريكية. وكانت "الحجة" استعادة السيطرة على منطقة "أوسيتيا الجنوبية"، "الانفصالية" المدعومة من نظام الكرملين. وقد رد حكام روسيا وعلى رأسهم الثنائي "مدفيدف - بوتين" بهجوم عسكري مضاد واسع وشامل. وفي النهاية كان ضحية القنابل والصواريخ من الطرفين المدنيون في أوسيتيا الجنوبية، وكذلك في أبخازيا وعدة مدن جورجية. فقد سقط قتلى كثيرون واضطر مئات الآلاف إلى مغادرة ديارهم بحثا عن اللجوء في أماكن آمنة.

ولم يكن انفجار الصراع في هذه المنطقة القوقازية مجرد صدفة، ولكنه نتاج لصراع خفي دائر منذ مدة بين مختلف القوى الامبريالية للسيطرة على منطقة غنية بالنفط. فجورجيا تمثل في القوقاز ما تمثله أفغانستان بالنسبة إلى الشرق الأوسط، فهي منطقة عبور لنفط أذريبجان من بحر القزوين إلى البحر الأسود. وكما هو الحال بالنسبة إلى مجمل جمهوريات الاتحاد السوفياتي السابقة، فإن جورجيا أصبحت أداة بيد الولايات المتحدة تستعملها لزعزعة روسيا وتطويقها. وفي هذا الإطار تندرج المساعي إلى إلحاق جورجيا بالحلف الأطلسي. كما تندرج المساعي الأخرى لتركيز نظام "الدرع الصاروخي" الأمريكي في بولونيا وغيرها من بلدان أوروبا الشرقية.

وكما كان الحال في "كوسوفو" فإن هدف الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين لا علاقة له لا بالدفاع عن حقوق الإنسان والديمقراطية ولا بالدفاع عن حق الشعوب في تقرير مصيرها وإنما هو السيطرة على كافة المناطق الغنية والإستراتيجية في العالم. ومن البديهي أن مثل هذه السياسة العدوانية والاستفزازية لا يمكن إلا أن توتر العلاقات في صلب العالم الامبريالي. فقد جاء رد روسيا على استفزاز جورجيا قويا. وفي ذلك رسالة إلى الطرف المقابل بأن روسيا لن تقبل تجاوز بعض "الخطـــوط الحمر". وما من شك في أن هذه التطورات تؤكد ما تحمله الأوضاع الدولية الراهنة من أخطار كبيرة. فالسعي المحموم إلى إعادة اقتسام مناطق النفوذ في العالم بين مختلف القوى الامبريالية، خصوصا في الظرف الحالي الذي يشهد أزمة طاقة وتراجعا لاقتصاديات أهم الدول الامبريالية، يشكل خطرا كبيرا على السلم العالمي. ويؤكد احتدام الصراع بين روسيا من جهة والولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها من جهة أخرى أن العالم ذو القطب الواحد سائر تدريجيا نحو الزوال. وفي وضع كهذا فإن شعوب العالم وبالخصوص في البلدان الرأسمالية الكبرى مدعوة إلى الوقوف بقوة في وجه مثيري الحروب وعلى رأسهم حكام واشنطن الذين يزرعون عدم الاستقرار في كافة أنحاء العالم.



الصفحة الأساسية | خريطة الموقع | البريد الالكتروني