الصفحة الأساسية > البديل الثقافي > ندوة حول "المثقف وحقوق الإنسان"
ندوة حول "المثقف وحقوق الإنسان"
10 كانون الثاني (يناير) 2004

نظم فرع الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان بالقيروان، يوم الأحد 28 ديسمبر 2003، ندوة بمناسبة إصدار البيان العالمي لحقوق الإنسان، بمقره بعد أن رفضت دار الثقافة بالجهة تمكينه من فضاء يتسع للحضور والمشاركين، ورفض الاتحاد الجهوي للشغل تمكينه من مقره الذي يحوي قاعة كبيرة ومجهزة ومعدة للندوات والاجتماعات العامة، والحال أنها أُقيمت بها حفلات الأعراس والأفراح.

ولأن موضوع الندوة يهم كل المثقفين الأحرار وُجهت الدعوة إلى رابطة الكتّاب الأحرار وثلة من المناضلين والحقوقيين والمثقفين والشعراء. فحضر عن رابطة الكتاب الأحرار الأستاذ جلول عزونة والقاص الحبيب الحمدوني والروائي محمد جابلي. كما حضر الصحفيان رشيد خشانة ونزيهة رجيبة (أم زياد). والشعراء: عبد الرحيم الماجري ونورالدين عزيزة وسمير طعم الله. والموسيقي والنقابي محسن بن أحمد صحبة الأخوات بعزاوي اللتين أتحفتا الحاضرين بأغان للشيخ إمام ومجموعة البحث الموسيقي.

وقد وقعت المراوحة طيلة الندوة بين المداخلات والقراءات الشعرية والغناء. وتدخّل في البداية الأستاذ جلول عزونة مركزا أساسا على الكتب المحجوزة، مبينا تفاقم هذه الظاهرة في العشرية الأخيرة حتى أنها شهدت "نسبة نمو" تفوق 150%… مشهرا في مداخلته بالتعامل البوليسي الغبي والفج مع الإبداع الفكري والأدبي والإنساني داعيا إلى عدم الامتثال لإجراءات الحجز والعمل على ترويج الكتابات بكل الطرق الممكنة.

وتمحورت مداخلة "أم زياد" حول "ثقافة العقم" فبينت كيف أفرزت الثقافة الرسمية عقلية لامبالية وشخصية هشة ولا مسؤولة تقوم على منطق "تخلا ولاّ تعمّر" الفرداني والانتهازي الذي يعد أبرز القيم التي سادت لدى المواطن في "العهد الجديد". كما بينت عقم المثقف الذي انخرط في السياق وأخذه تيار السائد الذي بحث على الاستكانة والتذلل بناء على مقولة "أخطى راسي واضرب" و"كول خبزتك مسارقة"، "تحت جناح الذبانة ولا رقدت الجبانة"… وهي أمثلة ومقولات هندست البنية الفكرية والقيمية للمواطن طيلة سنوات الحكم الدستوري وخاصة النوفمبري منه. ولم تكتف السلطة لتعقيم وإعقام الساحة الثقافية بذلك بل جاوزته إلى ضرب كل صوت مخالف لخياراتها الثقافية الهشة والمبتذلة سواء بقطع مورد الرزق والإقصاء من الساحة بإغلاق الفضاءات أمامه أو سجنه إذا لزم الأمر وهو ما حصل في عدة حالات.

وتناول السيد رشيد خشانة الإعلام التونسي بالنقد مركزا في تحليله على الصحافة المكتوبة مستعرضا الملاحق الثقافية للصحف التونسية مثل "ملحق الصباح الأدبي" و"ورقات ثقافية" لجريدة الصحافة وملحق جريدة "الحرية" الأدبي وغيرها من الصحف التونسية مبينا تفاهة محتوياتها مدرجا ذلك في سياق خيار السلطة الرامي إلى ضرب الثقافة. وبيّن على سبيل المقارنة أن الامبريالية في تمرير مشاريعها وتعميم خياراتها وتحقيق سيطرتها الاقتصادية والسياسية على العالم تراهن على العامل الثقافي أولا وأساسا مبينا أن الأمريكان مثلا عند تفطنهم إلى العداء الذي يكنه لهم العرب و"العالم الثالث" عموما فكروا في بعث مجلات وإذاعات ومؤسسات إعلامية لتسويق صورتهم وثقافتهم وتقديم أنفسهم على أنهم "منقذو البشرية". وقد استدل المتدخل على ذلك ببعض المجلات الصادرة باللغة العربية تُروّج في تونس وغيرها بأثمان بخسة وبأشكال مغرية ومضامين مدمرة مثل مجلة HU. فهل بمثل سياسة النظام الحالي الثقافية يمكن مواجهة هذا الهجوم؟

وتركزت مداخلة القاص الحبيب الحمدوني حول "الثقافة والعولمة" مبينا أن "العولمة" تأخذ من الثقافي مدخلا لتمرير مشروعها الاقتصادي والاجتماعي الهيمني وهي دون هذا المنفذ لا يمكن لها النجاح فهي تريد بالثقافي أن "تنمّط" الذوق والفكر والتوجه وتنفي الخصوصية التي تعدّ عامل ثراء. وقد تفطنت بعض البلدان الأوروبية مثلا إلى عمق هذه المسألة في كل اتفاقاتها وشراكاتها ورفعت شعار "الاستثناء الثقافي" دفاعا عن مصالحها. وختم مداخلته بمشروع بيان يدعو إلى عقد ندوة لمناقشة بعث منتدى اجتماعي يضم كل المثقفين قصد الوقوف في وجه "العولمة" والزحف الثقافي الامبريالي من جهة والعقم الثقافي في تونس من جهة ثانية.



الصفحة الأساسية | خريطة الموقع | البريد الالكتروني