الصفحة الأساسية > البديل الوطني > نظام بن علي لا يقبل وجود جمعيات ومنظمات مستقلة والحلّ في التكتل ضد الاستبداد
على هامش الهجوم على النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين:
نظام بن علي لا يقبل وجود جمعيات ومنظمات مستقلة والحلّ في التكتل ضد الاستبداد
14 حزيران (يونيو) 2009

على إثر التقرير الذي قدّمه مكتب النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين بمناسبة اليوم العالمي للصحافة (3 ماي) والذي تناول فيه بالنقد وضع الإعلام والإعلاميين في بلادنا، اشتدت الضغوط على هذه النقابة الناشئة، ولم يعد خافيا أن السلطة تبحث عن وسيلة للانقلاب على مكتبها الشرعي وتعويضه بعناصر موالية على غرار ما قامت به في جمعيات ومنظمات أخرى.

لقد تولت عناصر تابعة للسلطة إفساد الندوة الصحفية التي عقدها المكتب يوم 4 ماي لتقديم التقرير، بل إن هذه العناصر حاولت الاعتداء ماديا ومعنويا على رئيس النقابة وبعض أعضاء المكتب متهمة إيّاهم بـ"تسييس النقابة" و"الإضرار بمصالح المنخرطين" و"العمل وفق أجندات لا علاقة لها بالقطاع" إلى غير ذلك من التهم المعتادة والممجوجة، والحال أن المأخذ الوحيد للسلطة وأذنابها على رئيس النقابة وزملائه هو تمسكهم باستقلالية نقابتهم واحترامهم لتعهداتهم إزاء القواعد التي انتخبتهم ورفضهم الصمت عن الانتهاكات رغم ما أن ورد منها في التقرير منقوص.

وتحاول السلطة اليوم بكل الوسائل زعزعة استقرار النقابة، وافتعال أزمة في داخلها استعدادا للانقلاب عليها. فمباشرة بعد الندوة الصحفية، انطلقت حملة إعلامية شرسة على البغوري وزملائه. كما عمد ثلاثة أعضاء من المكتب موالون للسلطة إلى تقديم استقالتهم في انتظار استقالة رابعة تبرّر الدعوة لجلسة عامة استثنائية. وفي نفس الوقت انطلقت عريضة مشبوهة أرغم العديد من الصحافيين على توقيعها بالتهديد من الرفت من العمل، في صورة الرفض.

إن ما تتعرّض له النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين يؤكد تلك الحقيقة التي ما انفككنا نردّدها على صفحات هذه الجريدة وفي مواقفنا والتي تتمثل في أن طبيعة النظام القائم الدكتاتورية والبوليسية بل الفاشستية تجلعه لا يتحمّل وجود تنظيمات مستقلة، سياسية أو نقابية أو شبابية أو نسائية أو ثقافية أو حقوقية أو بيئية تضع احتكاره للحياة العامة بمختلف أوجهها موضع سؤال وتقدم إلى الرأي العام إعلاميا وتتخذ مواقف تتعارض مع دعايته الرسمية الممجوجة وهو لا يتردّد في استعمال كل الوسائل لتكسير تلك التنظيمات من افتعال أزمات داخلية، وقمع ومحاصرة أمنية وإعلامية، وخنق مالي وإداري، وفبركة قضايا وتدبير انقلابات على قياداتها الشرعية، إلخ. ويكفي المرء إلقاء نظرة على تاريخ الجمعيات والمنظمات لإدراك هذه الحقيقة.

إن تاريخ الاتحاد العام التونسي للشغل منذ وصول الحزب الدستوري بقيادة بورقيبة إلى دفة الحكم سنة 1955-1956 هو تاريخ الصراع من أجل الاستقلالية التي تحوّلت على مدى ما يزيد عن النصف قرن إلى مطلب مركزي دائم من مطالب المنظمة الشغيلة، وكانت حاضرة، إن لم تكن محور كل الأزمات التي واجهت هذه المنظمة بالسلطة. ولم تتردّد هذه الأخيرة في استعمال حتى السلاح للتصدي لنزعة الاتحاد العام التونسي للشغل الاستقلالية وإخضاعه (جانفي 1978). هذا دون ذكر الانشقاقات المفتعلة والانقلابات المنظمة والتصفيات الممنهجة للقوى النقابية المعارضة من مختلف النزعات الفكرية والسياسية (تجميد، طرد، اعتداءات...). وما يزال الاتحاد العام التونسي للشغل إلى اليوم تحت قبضة نظام بن علي يتحكم فيه عبر بيروقراطية فاسدة.

أما الاتحاد العام لطلبة تونس فإن تاريخه يختلف في الجوهر عن تاريخ المنظمة العمالية. فقد وضعه الحزب الدستوري تحت كلكله وأخضعه لمراقبته وقمع كل نزعة استقلالية لقواعده ومناضليه. ولمّا توصّل الطلاب في مطلع السبعينات من القرن الماضي، إلى قلب موازين القوى داخل منظمتهم بمناسبة مؤتمرها الثامن عشر بقربة نظمت السلطة، انقلابا، تحت جناح الليل عيّنت بموجبه عناصر موالية على رأس الاتحاد. وقد عاش هذا الأخير أزمة دامت 17 سنة، قبل أن يعقد مؤتمرا استثنائيا (1989) ويستعيد استقلاليته. ولكن لم تمض سوى سنوات قليلة حتى أعادت السلطة الهجوم على المنظمة الطلابية وخرّبتها من الداخل عن طريق عناصر انتهازية يمينية، مدعومة من الإدارة والبوليس السياسي. ولما اتفقت كل الأطراف الطلابية، عدا تلك العناصر الانتهازية، على عقد مؤتمر توحيدي في ربيع هذا العام (10 و11 و12 أفريل 2009) يضع حدّا لتشتت الصف الطلابي ويكتل جهود الطلبة في وجه هجوم الرجعية النوفمبرية المستمر على حقوقهم المادية والمعنوية تدخّل البوليس السياسي بوحشية، لمنع انعقاد المؤتمر للحفاظ على الوضع المتردي للحركة الطلابية، وغطت أجهزة الدعاية الرسمية وشبه الرسمية على هذا التدخل السافر في الشأن الطلابي، بالادعاء بأن "الخلافات الطلابية الداخلية حالت دون عقد المؤتمر".

ومن جهة أخرى فقد ظهرت جمعية القضاة الشبان إلى الوجود في بداية السبعينات من القرن الماضي، أسوة بجمعية المحامين الشبان التي ظهرت في نفس العام (1970). وظلت هذه الجمعية في "أحضان" السلطة إلى أن برز في صلبها تيار استقلالي يريد أن يعطي للسلطة القضائية الدور الدستوري المنوط بعهدتها. وتمكن هذا التيار من كسب الانتخابات والوصول إلى قيادة الجمعية في أواسط الثمانينات من القرن الماضي، ووصل حد إعلان الإضراب عن العمل من أجل تحسين الأوضاع المادية والمعنوية للقضاة. فما كان من نظام بورقيبة إلا أن هجم على الجمعية وحلها وأحال قياداتها على مجالس التأديب التي سلطت عليهم عقوبات بالعزل لمدد مختلفة. وقد رفض بن علي عند استيلائه على السلطة عام 1987 مطلب إحياء جمعية القضاة الشبان، وبعثت عوضا عنها "جمعية القضاة" عام 1990 بدعوى جمع القضاة الذين كانوا موزعين على جمعية القضاة الشبان والودادية التي كانت تضم كبارهم في هيكل واحد. ولكن تجري الرياح بما تشتهي سفن السلطة، فقد أدّى الضغط المستمر على القضاة وامتهانهم وتوظيفهم إلى بروز تيار مستقل صلبهم من جديد وهو ما أدّى في أواخر عام 2004 إلى صعود مكتب يضم أغلبية مستقلة. وما أن بادر هذا المكتب باتخاذ مواقف ضد انتهاكات البوليس السياسي لحرمة القضاء بمناسبة اعتقال الأستاذ محمد عبّو في مارس 2005، حتى وجد نفسه في مرمى سهام الدكتاتورية التي حرّكت بيادقها داخل القطاع لينظموا انقلابا على المكتب الشرعي بدعم من الإدارة والبوليس السياسي، وقد اتخذت الوزارة إجراءات تعسفية ضد أعضاء المكتب الشرعي الذين يتعرّضون إلى اليوم للتنكيل (مراقبة بوليسية، منع من السفر، خصم من الراتب لأتفه الأسباب...).

وقد مثـّل الحفاظ على استقلالية الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، الهاجس الأول والدائم لمناضلاتها ومناضليها منذ أن تم تأسيسها عام 1977. ففي سنة 1985 ولمّا ضاق نظام بورقيبة ذرعا من مواقف الرابطة من انتهاكات الحريات وحقوق الإنسان، عمد إلى تكوين رابطة موازية، لتهميشها، وعيّن على رأس الرابطة الجديدة وزير داخلية سابق (الضاوي حنابلية) الذي كان أشرف بمعيّة بن علي على مجزرة 26 جانفي 1978. وعوض أن تُهمّش الرابطة الأصلية، هُمّشت الرابطة المصطنعة وانتهت في مزبلة التاريخ.

وبعد مجيء بن علي إلى السلطة بحوالي خمس سنوات (1992) سعى إلى حلّ الرابطة والقضاء عليها بمقتضى قانون الجمعيات المحوّر الذي يلزم الرابطة بقبول عضوية كل من هبّ ودبّ، وخاصة أعوان الحزب الحاكم والبوليس السياسي. ولم تعد الرابطة إلى نشاطها إلا بعد مدة وبضغط داخلي وخارجي كبير. ولكنها ظلت محاصرة ولم تتمكن من عقد مؤتمرها الخامس إلا بعد ستّ سنوات من مؤتمرها الرابع. وما أن انتهى المؤتمر الذي أفرز قيادة أكثر استقلالية، حتى وجدت الرابطة نفسها من جديد في مواجهة سلطة تأبى أن تراها مستقلة في قرارها. فحرّكت بعض بيادقها لافتعال أزمة داخلية ورفع دعوى للقضاء لأسباب واهية، ومن ثمة أصبحت محاصرة بالبوليس السياسي إلى أن منعت بالقوة من عقد مؤتمرها الوطني سنة 2005 بل وحتى من الاجتماع في مقرها المركزي ومقراتها الجهوية. وما يزال هذا الوضع قائما حتى اليوم. وتردّد السلطة لمن يريد أن يسمعها، أن "الرابطة مكسب وطني ينبغي الحفاظ عليه" وأن الأزمة التي تعيشها "داخلية" ولا دخل للسلطة فيها، وكان أعوان البوليس السياسي الذين يحاصرون مقرات الرابطة ليلا نهارا ويمنعون الدخول إليها جاؤوا من "بلاد الواق الواق" أو هم ممّن وكـّلهم رضا الملولي و"شلته" للدفاع عن مصالحهم.

ورغم أن فرع منظمة العفو الدولية بتونس، لا يركز نشاطه على ما يجري في تونس، فإنه لم يسلم من تحرّشات السلطة خلال السنوات الأخيرة. فالمقرّ محاصر من طرف البوليس الذي يراقب كل وافد ولا يتورّع من منع بعض الأنشطة أو من منع حضور بعض الأعضاء فيها. كما أنه يراقب كافة اتصالاتها ويحجز البريد الذي لا يريده أن يصل إلى الفرع. وخلال السنة الماضية داهم البوليس السياسي منزل رئيس الفرع الذي تطوّر نشاطه وبرز حضوره في بعض الحملات (الحملة ضد عقوبة الإعدام، الحملة ضد العنف المسلط على النساء...) وتوطدت علاقاته بمكونات المجتمع المدني الأخرى. وقد اشتدت الحملة على الفرع أمنيا وإعلاميا منذ الجلسة العامة الأخيرة، إذ عمدت بعض العناصر المشبوهة إلى محاولة افتعال أزمة داخل الفرع بفبركة سلسلة من الأكاذيب والاتهامات ونشرها في بعض الصحف وتسريبها إلى الأمانة الدولية بلندن (اتهام الفرع بـ"التسييس" وحزب العمال بالهيمنة عليه وتوظيفه لفائدة أنشطته الخاصة، والهيئة التنفيذية بالتلاعب بالانتخابات...) وكانت هذه العناصر التي سرعان ما دخل البوليس السياسي على الخط لمساعدتها بشكل لمفضوح (توزيع ما يكتبون، نشر مقالات في صحف العار لشتم رئيس الفرع واتهامه بالفساد وسوء التصرّف...) تهدف إلى تلهية أعضاء الفرع بالمشاكل الداخلية، وعند الاقتضاء التأثير في الأمانة الدولية حتى تشن حملة تصفيات تستهدف ناشطات ونشطاء الفرع أو تحلّه.

هذه عينات ممّا يتعرّض له عدد من الجمعيات والمنظمات القانونية التي تمكنت من الحفاظ على وجودها.

أمّا الجمعيات والمنظمات غير المعترف بها فحدّث ولا حرج. فهي مستباحة للبوليس يعتدي على أعضائها وعلى ممتلكاتهم الشخصية ويخضعهم لمراقبة دائمة، ويتنصّت على هواتفهم ويمنعهم من القيام بأيّ نشاط.

إن نظام الحكم سواء كان في عهد بورقيبة أو في عهد بن علي لا يقبل وجود جمعيات ومنظمات وهيئات مستقلة، مهما كان مجال نشاطها وحجمها التنظيمي. وهو لا يتوانى عن استعمال كل الأساليب القمعية لتكسيرها وإخضاعها للحفاظ على احتكاره للحياة العامة وتأبيد هيمنته على المجتمع. وتمثل الديمقراطية أكبر خطر عليها. ونظام الحكم يستعمل دائما نفس الأسلوب في مواجهة الجمعيات والمنظمات المستقلة: افتعال أزمات داخلها عن طريق بيادقه ليدّعي أنه لا ناقة له ولا جمل في ما تعيشه، ومحاصرتها أمنيا وإعلاميا وماليا، وتحيين الفرصة للانقلاب عليها وإن لم يتوفر له ذلك أفشل نشاطها حتى تبقى دون تأثير أو تندثر مع مرور الأيام والأشهر والسنوات.

وبالرغم من أن هذه المسألة واضحة فإنه يوجد دائما، عدا بيادق السلطة، أشخاص سرعان ما يدبّ فيهم اليأس والإحباط، وتؤثر فيهم دعاية السلطة وبعض "القنوات" المكلفة بالاتصال والضغط والترويض والتي لا تكف عن ترديد أن "حل الأزمة" أو "تجاوز الوضع" مرهون بتقديم هذا التنازل البسيط أو ذاك أو بـ"التخلي" عن هذا المسؤول "المتطرف" الذي "يرفض الحوار مع السلطة" والذي "تربطه علاقات مشبوهة" مع "التطرف اليساري" أو "الإسلامي". و"يتخمّر" المعنيون ويظنون أن الحل على "مرمى حجر" فيضغطون من أجل تقديم المزيد من التنازلات أو من أجل تغيير هذا المسؤول أو ذاك، وعوض أن يوجهوا سهامهم للمتسبب الحقيقي في الأزمة أي السلطة، يوجهونها إلى بعضهم البعض ويحوّلون الأزمة إلى أزمة داخلية، إلى أن يتبيّن أن ما وعدت به السلطة مجرد "كلام في كلام" وأن هدفها ليس حلّ الأزمة، بل تعميقها وتأبيدها حتى يظل الهيكل المعني غير ذي فعل في الساحة، فيتراجع البعض وينكمش البعض الآخر في انتظار "بادرة انفراج جديدة".

إن تجربة نصف قرن من حكم النظام الدستوري تؤكد أن هذا النظام بطبيعته معاد لوجود الجمعيات والمنظمات المستقلة. وأن هذه الجمعيات والتنظيمات لا يمكنها أن تتطور وتعمل بصورة طبيعية في ظله. ففي فترة أولى وتحديدا منذ مطلع الستينات من القرن الماضي كان هذا النظام يجرّم تجريما باتا وجود تنظيمات مستقلة ويزج بكل من تحدّثهم أنفسهم تكوين مثل هذه التنظيمات في السجن. ومع تطور النضال الديمقراطي في بلادنا وما فرضه من هامش حرية، اضطر نظام الحكم إلى القبول شكليا وفقا للظروف بوجود تنظيمات مستقلة، ولكنه يعمل بكل الوسائل على خنقها وتهميشها حتى لا تتطور ويتطور تأثيرها، لذلك فإنه ما من منظمة أو جمعية مستقلة في بلادنا (نحن هنا نتحدث عن الجمعيات فحسب علما وأن الأحزاب تعاني ما تعانيه الجمعيات والمنظمات أيضا) إلاّ وهي تعيش أزمة مزمنة بحكم الحصار الأمني والإعلامي والمالي المضروب عليها. فالدكتاتورية النوفمبرية تريد من تلك الجمعيات والمنظمات أن تبقى ديكورا لا غير، حتى يقال "إن تونس تحترم حرية التنظم وبها تعددية".

إن الجمعيات والمنظمات والهيئات بمختلف اختصاصاتها لا يمكن أن تتواجد وتعمل بصورة طبيعية إلا في ظل نظام ديمقراطي، تتوفر فيه الحريات السياسية فيكون من حق العمال والكادحين والطلاب والنساء والمثقفين وكافة طبقات الشعب وفئاته التمتع بحق التنظم من أجل التعبير عن مصالحهم وطموحاتهم والدفاع عنها.

وفي تونس، وطالما أن الدكتاتورية قائمة، لا يمكن بأيّ شكل من الأشكال أن يكون للجمعيات والمنظمات والهيئات النقابية والحقوقية والثقافية والنسائية والشبابية وجود عادي، ولا يمكن أن تنعم بالاستقرار، بل ستظل في صراع دائم مع السلطة من أجل الحفاظ على وجودها، إن كانت تريد الحفاظ على استقلاليتها. ومن هذا المنطلق تأتي ضرورة أن يدرك أعضاء تلك التنظيمات المدنية (مثلهم مثل أعضاء التنظيمات السياسية) أن معركتهم مع الدكتاتورية معركة جوهرية، وأنهم للنجاح فيها، مطالبون بالتخلي عن الأوهام وتكتيل ضغوطهم بعضهم مع بعض ومع الأحزاب والقوى السياسية التي تناضل من أجل الحرية السياسية للصمود في وجه الدكتاتورية وتهيئة الظروف لإسقاطها وتأسيس نظام ديمقراطي يكفل تلك الحرية ويحميها من الانتهاك. كما أنه من واجبهم إدراك ضرورة تنويع أساليب نضالهم لتجاوز العراقيل التي تضعها السلطة أمامهم لتلهيتهم وثنيهم عن القيام بمهامهم. فإذا لم يتركهم البوليس السياسي يلتقون في مقرّاتهم الرسمية مثلا، فهل أن ذلك يبرّر تجميد النشاط أو النزول به إلى أدنى حدوده؟ وإذا كانت السلطة تتهم الجمعيات بـ"التسييس" فهل أن ذلك من دواعي عدم التنسيق مع الأحزاب السياسية في النضال من أجل الحريات؟ وإذا كانت السلطة تقمع الجمعيات غير المعترف بها، فهل أن ذلك يبرّر الخوف من العمل معها؟

إن الدكتاتورية لن تنتهي في بلادنا إلا إذا اقتنعت جميع القوى المدنية والسياسية التي لها مصلحة في الحرية بأن مصلحتها في وحدتها وفي تخطي كل العراقيل التي تضعها أمامها الدكتاتورية، من قوانين جائرة وخطوط حمر...



الصفحة الأساسية | خريطة الموقع | البريد الالكتروني