الصفحة الأساسية > البديل الثقافي > نقطة في خط دائري..!
المؤتمر السادس لاتحاد الكتّاب:
نقطة في خط دائري..!
15 كانون الثاني (يناير) 2006

عقد اتحاد الكتّاب التونسيين مؤتمره السادس بعد أن تمّ تأجيله أكثر من مرة لغايات لا علاقة لها بمصلحة الاتحاد وبعد أن شهد موجة من الاستقالات الجماعية احتجاجا على ما آل إليه وضع هذه المنظمة وما عمّها من فساد مالي وإداري طيلة تولي الميداني بن صالح رئاستها. فما هي دوافع تأجيله سابقا؟ وما هي الظروف التي عقد فيها هذا المؤتمر؟

وحتى نتبين الأمر نذكر أن المؤتمر الخامس الذي عقد في مدينة بنزرت حمل من مؤشرات الأزمة ما ظهر جليا في الأيام اللاحقة. ففي مؤتمر بنزرت انسحب عدد من الكتاب احتجاجا على حالة التبعية التي شهدتها المنظمة للسلطة الحاكمة وضرب استقلالية الكتاب والمبدعين وتحويلهم إلى جوقة من المؤيدين لكل ما يصدر من قرارات وخيارات لاوطنية لنظام بن علي الدكتاتوري.ودعا المنسحبون من المؤتمر الخامس إلى تأسيس "رابطة الكتّاب الأحرار" في محاولة لرد الاعتبار لكرامة الكاتب ودفاعا عن حرية الإبداع التي تعدّ الشرط الأساسي لتأسيس ثقافة ذات بعد وطني وعمق إنساني... ونذكر من المنسحبين أنذاك، القاص والناقد "جلول عزونة" والقاص "الحبيب الحمدوني" والروائي "محمد جابللي" والشاعر "نور الدين الشمنقي" والمفكر "سليم دولة" والراوئي "كمال الزعباني"... وهم من مؤسسي "رابطة الكتّاب الأحرار". وما أن أفرز المؤتمر الخامس هيئة مديرة برئاسة الميداني بن صالح المسنود من بن علي حتى عملت على تحوير النظام الداخلي ليعطي لرئيس الاتحاد صلاحيات "ملكية" تمكنه من التفرد بالقرار وتجاوز أعضاء الهيئة المديرة إن كان هناك من يخالفه الرأي، الأمر الذي أشعر بعض الأعضاء الشبان باليأس من إمكانية تمتعهم بـ"خيرات" المنظمة (الدعم المالي، السفر إلى الخارج...) فشنوا هجمة على الهيئة المديرة ولوحوا بالاستقالة. ونظرا لتضارب المصالح تشكلت "عصابات ثقافية" وصلت إلى حد الصراع الجسدي والاعتداء بالعنف والتقاضي أمام المحاكم.. وقام الميداني بن صالح بطرد كل من "ظافر ناجي" و"عادل معيزي" و"محمد الهادي الجزيري" وهم متزعمو المجموعة الرافضة صحبة "محمد المي".

لقد كان من المقرر أن يعقد المؤتمر السادس في الأشهر الأولى من سنة 2004 لكن الميداني بن صالح أجله بإعاز من السلطة حتى يتسنى له تزكية "بن علي" في انتخاباته الرئاسية التي جرت في أكتوبر 2004 مقابل منحه مقعدا في مجلس المستشارين.

وأخيرا عقد المؤتمر السادس في النصف الثاني من شهر ديسمبر 2005. وقد هندست الدكتاتورية كعادتها أطواره نقطة بنقطة. أولى هذه النقاط تمثلت في استدعاء المطرودين من طرف وزير الثقافة الذي حذرهم من مغبة إفساد سير المؤتمر بعدما تناهى إلى مسامعه أن المطرودين والمستقيلين الذين بلغ عددهم 102 سيعتصمون في مقر اتحاد الكتاب أثناء إنجاز المؤتمر. ووعدهم بتصفية مسألة طردهم وحضورهم كمؤتمرين داخل قاعة المؤتمر. وهو ما افتتح به "حسين فنطر" حديثه منذ البداية بصفته رئيس المؤتمر وصاحب "كرسي بن علي لحوار الحضارات".. وأثناء سير المؤتمر طرحت العديد من المسائل المهمة من قبل البعض مثل وضعية الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، وحرية النشر، وحرية التعبير.. لكن هذه المسائل غابت عن البيان الختامي وعن كل الوثائق المنبثقة عن المؤتمر..! وكادت العملية الانتخابية أن تعصف بجنود السلطة وخاصة بقرارها المتمثل في إعطاء رئاسة الاتحاد إلى عضو البرلمان وعضو اللجنة المركزية للحزب الحاكم والروائي "صلاح الدين بوجاه".. وقد قرأت الدكتاتورية النوفمبرية حسابا لكل المفاجآت التي من شأنها إفشال ما رسمته لسير المؤتمر. وفي هذا الإطار اتصل "مسؤول بوزارة الثقافة" بالهاشمي بلوزة وهدده بأن الوزارة لن تسدد مستحقات النزل الذي عقد فيه المؤتمر إذا لم يقع توزيع المهام حسب ما تم تسطيره مسبقا. لذلك لا غرابة أن تكون الهيئة المديرة الجديدة على النحو التالي: صلاح الدين بوجاه (رئيس)، إبراهيم الدرغوثي (نائب رئيس)، عبد الكريم الخالقي (كاتب عام)، عبد الله مالك القاسمي (مساعد كاتب عام)، الهاشمي بلوزة (أمين مال)، عبد السلام لصيلع (مساعد أمين مال)، صلاح الدين حمادي (الإعلام والنشر)، المولدي فروج (فروع)، خالد غريبي (الدراسات).

وأول ما قامت به هذه الهيئة فور انتخابها هو إعلان الولاء غير المشروط لوليّ نعمتها، بن علي، مؤكدة له أنها ستواصل لعب نفس الدور الذي لعبه الميداني بن صالح، أي إبقاء الاتحاد قطعة من قطع الديكور الديمقراطي، وسدّ الباب أمام أي تطلّع لحياة ثقافية حرة ومستقلة وبديلة. وهو ما يضع مرة أخرى الكتاب والشعراء أمام مسؤولية جسيمة وهي مواصلة رفض هذا الواقع والانخراط بقوة في مسيرة النضال من أجل تونس حرة وديمقراطية وتقدمية.



الصفحة الأساسية | خريطة الموقع | البريد الالكتروني