الصفحة الأساسية > البديل الثقافي > السنما وحقوق الإنسان
السنما وحقوق الإنسان
28 أيار (مايو) 2005

نظم فرع تونس لمنظمة العفو الدولية في إطار برنامجه: "التربية على حقوق الإنسان" يوم "السنما وحقوق الإنسان" بالتعاون مع "الجامعة التونسية للسّنمائيين الهواة وذلك بتاريخ 21 أفريل 2005. وقد تمت برمجة أربعة أشرطة بين الوثائقي والروائي وهي على التوالي: شريط وثائقي بعنوان "إنسان الذاكرة" للشاب مروان المؤدب وهو محاولة لرصد شخصية مقاوم تونسي أصيل منطقة حمام الغزاز شارك في الكفاح المسلح ضد الاستعمار طيلة عشر سنوات في جبال قفصة وكان من الشق اليوسفي الذي رفض مشروع الاستقلال الذاتي وآمن بمواصلة النضال ضد الاستعمار وإخراجه من البلاد دون قيد أو شرط… وقد سقط أثناء المقاومة من الجبل الشيء الذي خلف له إعاقة في مستوى الحركة… وقد كان جريئا في تصريحاته حين أكد أن بورقيبة "خذا الاستقلال خيانة للحركة" لأن نفس البرنامج طرح على صالح بن يوسف ورفضه… كما فضح الشريط وبشكل جيد وفني الواقع المرير الذي يعيشه هذا المناضل وحالة الإقصاء التـي يعانيها من قبل النظام القائم. فقد أمر له الطبيب بمقعد متحرك (كروسة) إلا أن الجهات المعنية رفضت تمكينه من ذلك. وقد راسل كل "الجهات المسؤولة" والكل لا حياة لمن تنادي إلى يومنا هذا! "لغدوة" كما يقول هذا المقاوم. وقد تحدث عن معاناته بعد الجلاء حيث حوكم وقضى عشر سنوات سجنا وعشر سنوات أخرى "مراقبة جبرية" على حد قوله، لينهي بقية حياته في وضعية مزرية…

كما أتحفنا فتحي بن سلامة وغسان جمعـة بشريط "الجدار" وهو من النوع الوثائقي أيضا. وقد صورا فيه الجدار الذي يقسم مدينة بن عروس إلى نصفين. وقد وقعت إقامته من الأسلاك وبشكل غير شرعي ففصل بين العائلات المتقاربة وبين الجيران. كما منع الأطفال من حرية الحركة واللعب. وقد جاء على لسان بعض المستجوبين: "أصبحنا نعيش مثل حيوانات البلفدير داخل الأقفاص". كانت الصور دقيقة، معبرة، وذات رموز ومعان تحيلنا على عالم السجون، وعالم الحصار في فلسطين، وواقـع البلاد والعباد الذين يعيشون في سجن كبير.. وللتذكير فإن هذا الجدار أقيم لحماية مقبرة ألمانية كان من المفروض نقلها، بالاتفاق مع الجهات المعنية، إلى مكان خارج العمران. وقد تمت محاكمة كل من حاول تجاوز الجدار أو المساس به… إنها الكاميرا المناضلة التي تقول الحقيقة دون مساحيق لكن بشكل فنـّي وحرفية…

كما تم طرح قضية التعذيب من خلال فلم "النفق" لمحمد عبد السلام ورضا بن خليفة. وهو من النوع الروائي القصير (صامت) تدور أحداثه في القطار أين يلتقي الجلاد والضحية وجها لوجه على مقعدين متقابلين. وتبدأ رحلة التعذيب عبر التذكر بدء بالضرب والتعليق ووصولا إلى إطفاء السجائر في العنق وفي كامل الجسد والحرمان من النوم… أحداث الشريط تدور كلها عندما يدخل القطار النفق، في ظلام دامس، تماما كما تتم عمليات التعذيب داخل الأقبية وتحت جنح الظلام… لم تنته أحداث الشريط في حدود كشف بشاعة التعذيب، وإدانة هذه الجريمة، بل تعدت ذلك إلى العمل على ملاحقة الجلادين وإيقافهم. وقد تم تصوير ذلك بشكل إيجابي. فالشخص الذي وقع تعذيبه كان على موعد مع حبيبته وعند وصوله إلى مكان الموعد خيّر مواصلة تتبع الجلاد على النزول. شريط صامت لكنه أبلغ من الكلام!

"المدرعة عبد الكريم" لـ"وليد مطار" هو الفلم الرابع في العرض. وهو إصبع آخر يوضع على دمل آخر (اجتماعي) وهو انسداد آفاق الشغل في وجه الشباب التونسي الأمر الذي يدفعه إلى الهجرة السرية والمغامرة بحياته في أعماق البحر. وقد تناول المخرج الموضوع بشكل ساخر، "السخرية السوداء"، خاصة وأن أغلب المغامرين من أصحاب الشهائد العليا… وقد قام المخرج الشاب باتهام الأجهزة الرسمية للدولة في آخر مشهد للفلم عندما صوّر كيف تحولت "الحرقة" إلى عملية منظمة تتم عبر الحجز المسبق من الموانئ البحرية التونسية وبإعلانات رسمية في الجرائد... وقد شفعت هذه العروض بنقاش بين الحاضرين تناولوا فيه دور الفن في الدفاع عن حقوق الإنسان، علما وأن فرع تونس لمنظمة العفو الدولية أقر تقديم جائزة في مهرجان قليبية إلى الشريط الذي يعالج قضايا ومبادئ حقوق الإنسان. فتحية إليه على الندوة وعلى الجائزة.



الصفحة الأساسية | خريطة الموقع | البريد الالكتروني