الصفحة الأساسية > البديل النقابي > المجلس الوطني للاتحاد العامّ والاستقطاب القديم الجديد
المجلس الوطني للاتحاد العامّ والاستقطاب القديم الجديد
22 نيسان (أبريل) 2006

انعقد أيّام 10 و 11 و 12 أفريل الجاري بنزل "دار إسماعيل" بمدينة طبرقة المجلس الوطني للاتحاد العام التونسي للشغل. و تمحورت أشغاله على مدار ثلاثة أيّام حول جملة مشاريع اللوائح التي تمّ إعدادها من قَبل (اللائحة العامّة و اللائحة الدّاخليّة و لائحة الوضع العربي و الدّولي). كما اعتنت المداولات ببعض القضايا الأخرى مثل المناولة و انعكاساتها على عالم الشغل و العمل النقابي. و حول مجمل هذه المحاور انعقدت ورشات عمل نظرت في مشاريع اللوائح التي عرضها عليها المكتب التنفيذي. و قد أعطيت الأولويّة في المداخلات لمداخلات الاتحادات الجهويّة والقطاعات و سمح لباقي أعضاء المجلس الوطني (الكتاب العامّون للفروع الجامعيّة و النقابات الجهويّة والاتحادات المحليّة) بالتدخل لمدّة لا تتجاوز الخمس دقائق. و أثارت هذه المداخلات قضايا كثيرة ومسائل مختلفة تتعلق بالوضع في تونس من الناحية الاقتصاديّة و الاجتماعيّة و السّياسيّة أو بالوضع العربي و الدّولي. و في هذا الإطار قدّمت تقييمات مختلغة لمسيرة الاتحاد و أدائه سواء فيما يتعلق بالمفاوضات الاجتماعيّة أو بمواجهة قضايا الخوصصة و المناولة و أشكال التشغيل الهشّة. كما أثيرت أوضاع الحرّيّات العامّة و الفرديّة و حالة الرّابطة التونسيّة للدّفاع عن حقوق الإنسان والمساعي الجارية الآن من أجل بعث منتدى اجتماعي تونسي الذي ظهرت حوله خلافات حادّة.

و أبرز المجلس الذي انعقد تحت حراسة مشدّدة انقساما واسعا داخل الاتحاد و بداية ظهور كتلتين كبيرتين لم تتضح بعد معالم نقاط الخلاف بينهما بصورة جليّة. فمن جهة نشطت مجموعة من النوّاب تجمع عناصر من جهة صفاقس و سوسة أساسا وعناصر ذات ميولات إسلاميّة و إسلاميّة جديدة ركزت خطابها على قضايا الوطن العربي مبدية ولاءها للحركات الإسلاميّة في فلسطين و لبنان والعراق منادية بصورة صريحة بالتغاضي عن كلّ ما يهمّ الوضع في تونس بل معتبرة أنّ إثارة قضايا الحرّيّات و المطالب المادّيّة و الاجتمــاعيّة للعمّال ولعموم الشعب هو تحريف للنضال وهروب به من استحقاقاته الواقعيّة و لم تخف هذه المجموعة معارضتها الشديدة لأيّ عمل مطلبي و مناهض لاختيارات السّلطة كما لم تخف معارضتها لمساعي بعث منتدى اجتماعي معتبرة إيّاه توجّها صهيونيّا امبرياليّا. و بدا و أنّ هذه الكتلة التي تحرّكها نوازع جهويّة و ميولات إسلاميّة تتخذ من أحد أعضاء القيادة رمزا و قيادة لها.

و من الناحية الثانية و كردّة فعل على المجموعة الأولى تشكلت كتلة أخرى جمعت عناصر يساريّة ومستقلة و ديمقراطيّة ناهضت التوجهات الإسلاميّة ونادت بالتركيز على مطالب الحركة النقابيّة التونسيّة المادّيّة و المعنويّة و ربطها بقضايا الدّيمقراطيّة والحرّيّات. و تشكلت هذه المجموعة حول عدد من أعضاء القيادة و رموز نقابيّة يساريّة الأصول أعلنت علنا مناهضتها للنزعات الجهويّة والعشائريّة.

و قد حاول الأمين العامّ للاتحاد في تدخله الختامي ردم هذه الهوّة التي على حدّ تعبير العديد ستتواصل في أفق المؤتمر القادم للاتحاد العامّ السّنة المقبلة.

لقد أبرز المجلس الوطني أنّ الحركة النقابيّة والاتحاد يعيش على وقع استقطاب جديد قديم شبيه إلى حدّ كبير بالاستقطاب الذي شق الصّفوف النقابيّة سنة 89 أيّام المؤتمر الاستثنائي بسوسة. و يوعز البعض هذا الاستقطاب لنوايا البعض في الثأر لنفسه من "هزيمة" 89 و الإعداد مبكرا للمؤتمر الوطني القادم و الشروع من الآن في الاعداد للفوز بالخلافة على رأس الاتحاد.

و الملاحظ في هذا الاستقطاب أنه بدأ يتمحور حول موقع و دور الاتحاد في القضايا الوطنيّة المحليّة والقضايا القوميّة و الدّوليّة. و من المرجّح أن تشهد الفترة التي تفصلنا عن المؤتمر القادم تواصلا لهذا الاستقطاب و محاولات حشد الأنصار لكلا القطبين فلمن ستكون الغلبة؟ هذا ما ستكتشفه الأيّام القادمة وما سنعود إليه بالتحليل.



الصفحة الأساسية | خريطة الموقع | البريد الالكتروني