الصفحة الأساسية > بديل الشباب > رسالة من "عسقلان أكاديمي" إلى طلاب "ستار أكاديمي"
رسالة من "عسقلان أكاديمي" إلى طلاب "ستار أكاديمي"
7 نيسان (أبريل) 2004

يتابع عدد كبير من الشباب العربي بمن فيهم الشباب التونسي برنامج "ستار أكاديمي" التي تبثه الفضائية اللبنانية LBC بدعم من "نس كافيه". ومن المعلوم أن هذا البرنامج تقليد لبرنامج سابق بثته إحدى الفضائيات الفرنسية واعتبره النقّاد علامة من علامات تدهور التلفزة والثقافة الفرنسية لما فيه من تفاهة وتبليد لعقول الشباب. وقد شارك في برنامج الفضائية اللبنانية بعض الشبان التونسيين، واستقبل أخيرا أحدهم بتونس وصفاقس كأنه بطل. ومن مصلحة النظام النوفمبري وكل الرجعيات العربية أن يتحول الشباب العربي إلى أنماط من "نجوم ستار أكاديمي" تقتلهم الميوعة وتبعدهم عن الشأن العام. وقد رد أحد شبان فلسطين القابع في سجون الاحتلال على برنامج "ستار أكاديمي" ردا مليئا بالسخرية يقابل بين "نجوم" أكاديميات السجون الصهيونية وبين "نجوم" أكاديميات الفضائية اللبنانية. وقد ارتأينا نشر هذا الرد الذي جاء في شكل رسالة منشورة في شبكة الأنترنيت بتاريخ 22 مارس 2004 حتى نبرز تباين المشاغل بين صنفين من الشباب العربي: الصنف الأول المهموم بقضايا الوطن والشعب والمجتمع، والصنف الثاني الذي ابتلعته الثقافة الاستهلاكية والذي أضحى بلا هوية. وفي ما يلي نص الرسالة:

عسقلان أكاديمي

إلى طلاب ستار أكاديمي الأعزاء

أنا طالب أكاديمية مثلكم، لست من الغرب إنما من فلسطين، وبعد أن تابعتكم بشغف فتعرفت عليكم حتى العمق على مدار الشهور القليلة الماضية انتابني شعور بالواجب أن أكتب لكم لتبادل الخبرة والتجربة، وأيضا لا تضر بعض المقارنة.

فنحن ننهض من النوم في ساعة محددة، نمارس الرياضة الصباحية في ساحة مغلقة، نأكل ونتعلم بشكل جماعي وحسب قوانين صارمة فرضت مسبقا… مثلكم. وهناك كاميرات مزروعة في كل زاوية لمتابعة حركتنا على مدار اللحظة… أيضا مثل التي لديكم. ندخن ونأكل أقل منكم، ونرتب أسرّتنا وننظف الصحون تماما مثلكم.

ومع ذلك تبقى بعض الاختلافات البسيطة في التفاصيل والتي نود إطلاعكم عليها.

أنتم حكمتم على أنفسكم بالبقاء أربعة شهور على الأكثر، بينما نحن محكومون في هذه الأكاديميات منذ سنين طويلة، ومعظمنا لا يعرف متى سيخرج عائدا إلى أهله وأصدقائه، بعد عام، عشرة أو إلى لا نهاية.

أنتم مركزون في أكاديمية واحدة، بينما نحن موزعون على عدة أكاديميات: أكاديمية شطة والجلمة بالشمال، الرملة وهداريم والتلموذ في الوسط، عسقلان والسبع ونفحة في الجنوب.

وبالقدر الذي تكرهون أن يكون أحدكم "نومينيه" فإننا نتمنى ذلك، ونفرح عند خروج أحدنا ونحسده ولا نتمنى عودته.

وبدلا من الفولكالز، تعوّدت حناجرنا على النشيد والتكبير الذي يعقبه رش الغاز ليستقر في حناجرنا وصدورنا.

الحدث الأبرز عندكم "ابرايم" يوم الجمعة، أما عندنا فكل الأيام متشابهة، خصوصا بعد انقطاع زيارات الأهل منذ فترة طويلة. فبينما يستطيع ذويكم وأصدقاؤكم ركوب الطائرات وقطع الأجواء والبحار لزيارتكم، لا يستطيع أهلنا وأصدقائنا عبور جدار الفصل العنصري أو حتى حاجزا عسكريا صغيرا لأشهر وسنوات.

أنتم تحتفلون "بالفالنتاين" (عيد الحب)، ونحن نحتفل بيوم الأسير، صحيح أن احتفالكم أكبر وجمهوره أوسع وشهرته أكثر، أما نحن فجمهورنا حاضر في الذاكرة لا على المسرح.

يقوم بزيارتكم الفنانون بينما يزورنا المحامون والصليب الأحمر. عندكم زعيم وعندنا ممثل معتقل، عندكم top5 وعندنا لجنة حوار. قد تمنعون من الاتصال بالأهل أو استلام الرسائل والهدايا كإجراء عقابي، أما نحن فممنوعون منها دون عقاب، ونعاقب بالمنع من مشاهدة التلفاز أو استخدام الأدوات الكهربائية… وقد يمتد العقاب لعدة أسابيع في زنزانة معتمة لا تتسع لشخص واحد.

تقومون بتخفيف الوزن بواسطة الريجيم ونحن نقوم بذلك عن طريق الإضراب المفتوح عن الطعام.

عندما نخرج من الأكاديميات، يكون ذلك إلى المحكمة العسكرية ليعود الواحد منا محملا بعشرات السنين التي ستتسبب في تغيير "اللوك" أو إلى المستشفيات لنعود محملين بالألم.

إن كانت أكاديميتكم برعاية "نس كافيه" والـLBC فإن أكاديميتنا برعاية إدارة السجون والشاباك والشرطة وكل أجهزة القمع التي لا تبخل علينا بكل جديد في مجال الأبحاث النفسية والعقوبات الجسدية بمناسبة وبدون مناسبة.

تزعجكم الوحدة والملل وتناقص عددكم، بينما يقتلنا الاكتظاظ وتزايد أعدادنا التي أصبحت بالآلاف.

نحرص مثلكم على تعلم اللغات إلا أننا نتعلم الفرنسية من غير معلم والأنجليزية من غير معلم والعربية بعشرين معلما. هذا بالإضافة إلى اللغة العبرية عملا بمبدأ (اعرف عدوك).

أنتو لمين بتغنوا، وأحنا لمين بنضحي

أنتو بتغنوا النا وأحنا بنضحي الكم

تصلكم رسائل SMS ونحن نرسل نداءات

أنتم توقعون أسماءكم للمعجبين والمعجبات، بينما نحن نوقّع أسماءنا على ورقة الأمانات وعلى الجدران، ليتعرّف علينا القادمون من بعدنا.

هذا غيض من فيض، حيث هناك الكثير من الأمور التي لم أحدثكم عنها ولن أنهي رسالتي قبل أن أطلعكم على بعض الأخبار والمستجدات، حيث سارعت إسرائيل من وتيرة بناء جدار الفصل العنصري الذي قطع أوصال الوطن، وسقوط المزيد من الشهداء وتبادل الأسرى بين إسرائيل وحزب الله، أما نحن فلم نتخرّج بعد من أكاديميتنا.

لمزيد من المعلومات اسألوا الأسرى المحررين.

مع تحيات نمر شعبان

سجن عسقلان



الصفحة الأساسية | خريطة الموقع | البريد الالكتروني