الصفحة الأساسية > البديل الوطني > مساندة واسعة ونوعية
حركة 18 أكتوبر:
مساندة واسعة ونوعية
14 تشرين الثاني (نوفمبر) 2005

حظي إضراب الجوع الذي يشنّه 8 من رموز الأحزاب والجمعيات منذ 18 أكتوبر الماضي بمساندة واسعة ونوعيّة. فالمضربون عن الطعام يزورهم يوميا ما بين 150 و200 زائرة وزائر. ويتميز الزائرات والزائرون بتنوع انتماءاتهم الفكرية والسياسية ومجالات أنشطتهم فهم من النشطاء السياسيّين والحقوقيين ومن النقابيين ومن الفنانين والمبدعين والمثقفين والأطباء الخ.

وحتما تجدر ملاحظة النسبة المرتفعة من النقابيين الذين لا ينتمون إلى هياكل قاعدية فحسب بل كذلك إلى هياكل قيادية في قطاعات عدّة كالتعليم الثانوي والأساسي والعالي والبريد والأطباء والجامعيين والصحّة وسكك الحديد والمالية والبنوك وكذلك في جهات عدّة كالقيروان وجندوبة والمهدية وتونس الخ... وممّا أثلج صدر المضربين عن الطعام كثرة الشبان الذين زاروهم وهم ينتمون إلى كليات ومعاهد عليا عديدة من العاصمة ومن داخل البلاد كما زارت المضربين وفود جامعية عدّة من بينها وفد نقابي يتجاوز عدده 50 نقابيا ووفدان من كلية العلوم الإنسانية 9 أفريل بتونس وكلية الآداب بمنوبة إضافة إلى جامعيين آخرين من سوسة وصفاقس وجندوبة.

وقد كان للفنانين والمبدعين مكانة مهمّة أيضا من بين مساندي الإضراب والمضربين. وفي كلمة فإن المساندة شملت كل أطياف المجتمع التونسي مما يعكس أن مطالب المضربين تعبر عن مطمح شعبي وعام.

تحركات لمساندة المضربين

ولم تقتصر المساندة على البرقيات والرسائل والبيانات فقد نظمت لجان مساندة في 22 جهة من شمال البلاد إلى جنوبها إضرابات عن الطعام بدأت في تطاوين وجرجيس منذ الأسبوع الأول لانطلاق الإضراب ثم شملت يومي 29 و30 أكتوبر بقية الجهات وقد شارك في هذه الإضرابات حوالي 260 مناضلة ومناضل من مختلف المشارب الفكرية والسياسية ومن الحقل النقابي. وقد تمت بعض الإضرابات بمقرات بعض الأفراد بينما منع البوليس السياسي المناضلات والمناضلين في معظم الجهات من دخول المقرات أو منازل خاصّة.

وشهدت العاصمة بشكل خاص أحداث خطيرة حين حاول المضربون الوصول إلى دار السيد صالح الحمزاوي أين كان مقرر إجراء الإضراب.

وعلى صعيد آخر دعت الهيئة المديرة للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان إلى تنظيم تجمّعات أمام مقرات الولايات والمعتمديات للاحتجاج على الهجوم الذي تتعرض له الرابطة ولمساندة المضربين عن الطعام شارك فيها حوالي 500 مناضلة ومناضل. وقد شملت هذه التجمعات 14 جهة وواجه البوليس المتجمّعات والمتجمّعين بالعنف ومنعهم من إيصال رسائل إلى الولاة. كما دعت اللجنة الوطنية لمساندة الإضراب من أجل الحقوق والحريات إلى اجتماع تضامني بدار الثقافة ابن خلدون يوم الثلاثاء 8 نوفمبر على الساعة السادسة والنصف مساء وكالمعتاد تذرّعت إدارة الدار بوجود "أشغال" لرفض تمكين اللجنة من قاعة الاجتماعات. كما حاصر البوليس كل الأنهج المؤدية إلى دار الثقافة واعتدى بوحشية على عدد من المناضلات والمناضلين من بينهم رئيس الرابطة الأستاذ مختار الطريفي. وتحولت التجمعات التي حصلت في محيط الدار إلى مسيرات رفع فيها المتظاهرون شعارات: "الجوع ولا الخضوع، فرض الحرية واجب، بالروح بالدم نفديك يا حرية... " وقد تحوّل ما بين 200 و250 مناضلة ومناضل إلى مقرّ الحزب الديمقراطي التقدمي حيث عقدوا اجتماعا تناول فيه ممثلو اللجنة الوطنية والأحزاب والجمعيات الكلمة للتنديد بما حصل و لتأكيد إصرارهم على مواصلة النضال من أجل فرض الحريات ومساندتهم المطلقة للمضربين عن الطعام.

الأساتذة والمعلمون يساندون المضربين عن الطعام

بمناسبة الإضراب الوطني الذي شنه الأساتذة والمعلمون يوم الخميس 10 نوفمبر 2005 بقرار من نقابتيهما العامتين احتجاجا على زيارة الوفد الصهيوني لتونس للمشاركة في قمة مجتمع المعلومات، وجّه المضربون عن الطعام رسالة إلى الأساتذة والمعلمين (انظر الرسالة) وقد تمّت تلاوتها. في معظم التجمّعات التي انتظمت بدور الاتحاد ولاقت صدًا طيّبا وقد ردّ عليها المتجمّعون ببرقيات ورسائل تضامن مع المضربين ودعم لمطالبهم.

اجتماع تضامني في مقر الرابطة

وفي مساء نفس اليوم الخميس 10 نوفمبر 2005 انتظم بمقر الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان بتونس اجتماع تضامني مع الرابطة حضره عدد غفير من المناضلات والمناضلين وقد تناول خلاله ممثلو اللجنة والأحزاب والجمعيات المستقلة الكلمة للتعبير عن تجندهم المستمر لدعم المضربين عن الطعام.

تظاهرات تضامنية آخر الأسبوع

ونظمت اللجنة الوطنية لمساندة الإضراب تظاهرة وطنية يوم السبت 12 نوفمبر 2005 لمساندة المضربين تحت عنوان "6 ساعات من أجل الحريات في تونس". وقررت اللجنة تجمعا أمام وزارة العدل وحقوق الإنسان على الساعة الحادية عشر صباحا للمطالبة بإطلاق سراح المساجين السياسيين. وتضمنت تظاهرة الـ 6 ساعات التي انطلقت على الساعة الثانية بعد الزوال على فقرتين الأولى ندوة حول موضوع: "الانتقال الديمقراطي" بمقر الحزب الديمقراطي التقدمي والثانية ثقافية بمقر الرابطة ابتداء من الساعة الخامسة.

تظاهرات تضامنية بالخارج

انتظمت بالخارج تظاهرات مساندة عديدة للمضربين عن الطعام بتونس دعت إليها لجان المساندة التي تكونت على اثر انطلاق الإضراب ومن أهم هذه التظاهرات:
-  فرنسا: يوم السبت 29 أكتوبر تجمّع بساحة "كورون" حضره عدد غفير من المناضلات والمناضلين التونسيين والأجانب وتداول فيه على الكلمة عديد الشخصيات من بينها رئيس الرابطة الأستاذ مختار الطريفي والسيدة سامية عبّو زوجة الأستاذ محمد عبّو سجين الرّأى. ورفعت في هذا التجمّع صور المضربين عن الطعام ولافتات مساندة لهم.

يوم السبت 5 نوفمبر تجمع بساحة "شاتلي" وهي واحدة من أهم ساحات باريس دعت إليه لجنة المساندة وقد حضر هذا التجمع مناضلون من المعارضة التونسية والقوى التقدمية الفرنسية. وقد عبّر جميعهم عن مساندة الإضراب عن الطعام وقد حضره وتداول فيه على الكلمة "جاك فات" عن الحزب الشيوعي الفرنسي، والمؤرّخ الجزائري "محمد حربي"، و"هيلان فرنكو" عن نقابة القضاة الفرنسيين، و "فيليب ليمي" عن الحزب الاشتراكي و"فتحي عبد الباقي" عن عائلات المساجين السياسيين والجامعي "روني قاليسو" و"مارغريت رولند" عن اللجنة الدولية من أجل إطلاق سراح شبان جرجيس.

يوم السبت 12 نوفمر نظمت لجنة المساندة تظاهرة في باريس تحت عنوان "5 ساعات من أجل الحرية في تونس".

-  هولندا: نظم عدد من المعارضين التونسيين والنشطاء الهولنديين تظاهرات بلاهاي يوم السبت 5 نوفمبر 2005 للتعبير عن تضامنهم مع المضربين عن الطعام .
-  انجلترا: الجمعة 28 أكتوبر 2005 نظم عدد من المعارضين التونسيين المقيمين بانجلترا تظاهرة أمام مقر رئاسة الحكومة البريطانية للتعبير عن تضامنهم مع المضربين عن الطعام ومع السجناء السياسيين.
-  سويسرا: وفي جينيف تعددت أشكال المساندة ومن بينها الاضراب عن الطعام بيومين (10 و11 نوفمبر) الذي شنه 9 مناضلين (7 تونسيين وسويسريان) تضامنا مع المضربين.
-  المغرب: تأسّست يوم الجمعة 28 أكتوبر 2005 بمقر النقابة الوطنية للصحافة بالرباط "التنسيقية لمساندة الشخصيات التونسية المضربة من أجل الحقوق والحريات". وهي تتشكل من الهيئات الديمقراطية السياسية و النقابية والحقوقية والشبابية والنسائية والجمعوية.
-  مصر: وفي مصر أعربت منظمات حقوق الإنسان في بيان بتاريخ 4 نوفمبر 2005 عن تضامنها و دعمها الكامل للمضربين عن الطعام و حمّلت بن علــي وحكومته المسؤولية كاملة عن سلامتهم. وممّا جاء في البيان أن هذا الإضراب عن الطعام يمثل صفعة و فضيحة للحكومة التونسية التي احتلت صدارة قائمة الدول القمعيّة ليس فقط في شمال إفريقيا و في العالم العربي فحسب بل في العالم بأسره.

زيارات وفود دبلوماسية

قام دبلوماسيون من السّفارات المعتمدة بتونس بزيارة المضربين. وهؤلاء الدبلوماسيّون ينتمون إلى البلدان التالية: الولايات المتحدة الأمريكيّة، انجلترا (رئيسة الاتحاد الأوروبّي حاليّا)، كندا، ألمانيا (مندوب الحكومة الفدراليّة لحقوق الإنسان والمساعدة الإنسانيّة وسفير ألمانيا بتونس)، بعثة المفوّضيّة الأوروبيّة بتونس، سويسرا وفنلندا.

وقد جاء هؤلاء الدبلوماسيّون للإطلاع على دوافع الإضراب ومطالب المضربين. وقد استغلت بعض الأطراف العاملة في ركاب السّلطة (أحزاب الديكور، صحافة العار ...) أو تلك التي تبحث عن ذرائع لعدم الانخراط في مواجهة الدكتاتورية النوفمبرية والنضال ضدّها هذه الزيارات سواء لاتهام المضربين بـ "الاستقواء بقوى أجنبية" و"خيانة الوطن" أو التشكيك في صدقيّة الإضراب وأهدافه.

وللتوضيح فإن المضربين عن الطعام ليسوا في حاجة إلى دروس في الوطنيّة، هذا أوّلا.

وثانيا فإنهم، و كما وضحوا ذلك في ندواتهم الصحفية، لم يتصلوا بأية سفارة ولم يطلبوا من أيّ دبلوماسي أن يزورهم أو يدعّم إضرابهم، فهم متوجهون بإضرابهم إلى الشعب التونسي وقواه الديمقراطيّة، يحدوهم إيمان عميق بأنّ الحريّة والديمقراطيّة يحققها الشعب بذاته ولذاته ولا يمكن أن تهدى إليه من طرف أيّة قوّة أجنبيّة ومن باب أولى وأحرى من القوى الإمبريالية وعلى رأسها الولايات المتحدة.

وثالثا، إن الدبلوماسييّن المذكورين جاؤوا من تلقاء أنفسهم، بل إن فيهم من زار المضربين تحت ضغط المجتمع المدني في بلاده التي طالبت حكوماتها بالاحتجاج على حكومة بن علي ومساندة المضربين. كما أنّ البعض الآخر، وهنا نقصد دول الاتحاد الأوروبّي، زارهم بناءً على البند الثاني من اتفاقيّة الشراكة التي أمضاها بن علي بنفسه ودون استشارة الشعب التونسي مع هذا الاتحاد، وهو بند ينصّ على نوع من المراقبة المتبادلة في مجال احترام الحرّيّات وحقوق الإنسان. وقد سعى بن علي إلى حدّ الآن إلى الاستفادة من الإعانات الماليّة والاقتصادية القادمة من أوروبّا وغض الطرف عن البند المذكور.

ورابعا، إنّ المضربين عن الطعام لا تخفى عليهم أهداف هذه الدّول وخاصّة الولايات المتحدة الأمريكيّة التي تسعى حكومتها إلى الظهور بمظهر المبشر بالحريّة والديمقراطية في نطاق مشروع الشرق الأوسط الكبير الرّامي إلى بسط هيمنة هذه الإمبريالية على المنطقة وإعادة صياغة خارطتها السياسية وبالخصوص إدماج "إسرائيل" ضمن منظومتها خدمة لأهدافها الاستراتيجية. ولقد كان من باب أولى وأحرى أن يتوجّه منتقدو المضربين عن الطعام إلى نظام بن علي العميل الذي يستقوى على الشعب التونسي بالولايات المتحدة وفرنسا خصوصا بتقديم ما يريدانه من تنازلات على حساب استقلال تونس وكرامة شعبها سعيا منه إلى كسب إرضائها (أي الولايات المتحدة وفرنسا) حتى يضمن بقاءه ويحصل على صمتهما إزاء ما يرتكبه من قمع في حق الشعب التونسي. أما الديمقراطيون الحقيقيّون وخاصة منهم الرفيق حمّة الهمامي الناطق الرسمي باسم حزب العمال الشيوعي التونسي فتاريخه ناصع في النضال ضد الإمبرياليّة والصهيونية و الرجعيّة.



الصفحة الأساسية | خريطة الموقع | البريد الالكتروني